عزازى ناقدا ومحافظا

فى حركة المحافظين الأخيرة كنا على موعد مع ترحيب واسع بقرار تعيين الدكتور عزازى على عزازى محافظا للشرقية، غير أن الصديق وائل قنديل لم يعجبه هذا القرار من زاوية أن عزازى قضى حياته فى مجال الكتابة فى النقد الأدبى، وليس له علاقة أو خبرة بالحكم المحلى وقضاياه، وهى حجة مردود عليها بأن مجمل الانتقادات التى كانت تتركز على اختيار المحافظين تذهب إلى عدم خبرتهم السياسية فى التعامل مع الجمهور، خاصة أن مصانع تفريخ المحافظين كانت تأتى من جهات محددة هى، الجيش والشرطة والقضاء وأساتذة الجامعات، وقليل من هؤلاء نجحوا فى مهمتهم، وفشل الكثيرون.

ظلت منابع اختيار المحافظين طوال حكم مبارك واحدة، وكان الناتج فشلا كبيرا، ليس لأن من يتم اختيارهم لا يصلحون وفقط، وإنما لأنهم كانوا يعملون فى ظل منظومة سياسية فاشلة كل همها هو إرضاء الحاكم باعتبار أن ذلك كان هو السبيل لضمان البقاء على الكرسى، وتأسيسا على ذلك لا تحفظ ذاكرة أبناء المحافظات طوال الثلاثين عاما الماضية أسماء فذة من المحافظين، فجميعهم كان ينطبق عليه القول المأثور: «شالوا ألدو جابو شاهين».

لم يأت عزازى من المنابع أو المصانع المعتادة فى تفريخ المحافظين، وإنما جاء من الحركة السياسية بما تحمله من فضاء شعبى واسع فى خبرة التعامل مع الجماهير، وإذا كان تخصص عزازى بالفعل فى مجال النقد الأدبى، حيث يحمل شهادة الدكتوراة فيها، فقد كان محل نقد من أصدقائه بأنه قليل الكتابة فى هذا المجال الذى يحتاجه بالفعل، غير أن انصرافه إلى العمل السياسى كان هو السبب، فقد كان يفضل الذهاب إلى الناس فى أى مكان لمشاركتهم فى الفعل السياسى، على أن يكتب مقالا نقديا عن عمل أدبى ما، وأدى كل ذلك إلى تراكم الخبرة السياسية والجماهيرية عنده بما يؤهله لأى منصب فى هذا المجال، وقد يرى البعض أن هذا ليس كافيا، وذلك إذا لم يكن يصاحبه رؤية سياسية وجماهيرية للمنصب، غير أن هذا مردود عليه فى مثل حالة عزازى، أو الكاتب والناشط السياسى سمير مرقص الذى تم اختياره نائبا لمحافظ القاهرة، فكلاهما من أصحاب الرؤية السياسية المحصنة بالنزاهة واستقامة الخطى والرغبة فى العطاء، ولا يقلل من ذلك أن عزازى ناقد أدبى، ومرقص محلل سياسى.