لو صحت الأخبار التى أعلنها محافظ القاهرة عن نقل سكان عشش ثلاث مناطق عشوائية بالمرج إلى مساكن أقيمت خصيصا لكانت أخبارا مفرحة، تحتاج إلى أن تصبح خطة لإنهاء عشوائيات تمثل عارا قوميا يستحق الإزالة.
الدكتور عبدالقوى خليفة محافظ القاهرة قال إن المحافظة اشترت 10 أفدنة من وزارة التضامن وأنشأت عليها 31 عمارة تضم 744 شقة يتم نقل سكان العشش إليها، وإزالتها حتى لا تعود لتتحول إلى عشوائيات.
وربما يرى البعض أن عملية نقل سكان العشوائيات إلى مساكن عادية تحل الأزمة، لكن الأمر يبدو فى حاجة للمزيد من البحث والدراسة لأحوال هؤلاء الصحية والتعليمية، حتى يمكن نقلهم من عالم العشوائيات إلى المدن، وتوفير حياة إنسانية تشمل التعليم والعلاج، وربما المعاش لمن لا معاش له. وهى أمور قد يراها البعض مبالغة أو يقول آخرون إن سكان العشوائيات هم الذين يختارون حياتهم وإن منهم أغنياء أو مستورين يصرون على الحياة فى العشوائيات، لكن هذه الرؤية التى يرددها كثيرون تنقصها الإنسانية، ومعرفة أن العشوائيات تجرح أرواح البشر وتدمر الكثير من المعالم الإنسانية، ونقلها يحتاج إلى إعادة تأهيل للسكان حتى يخرجوا من عالمهم إلى عالم يتيح لهم التمتع بإنسانيتهم.
وإذا كان المحافظ يتحدث عن سكان عشوائيات المرج، فلماذا لا يتحدث عن أهالى الدويقة والسلام المعتصمين أمام ماسبيرو انتظارا لقرار تسكينهم؟ وهؤلاء يحتاج وضعهم إلى دراسة ولا يمكن أن يكون كل هؤلاء نصابين أو مدعين، بل هم يحتاجون إلى من يستمع لهم، ويعلن الحقيقة أمام الناس حتى لا تظل الأمور والقضايا معلقة، وتقود إلى مزيد من التوتر.
هناك اتهامات لبعض متظاهرى الدويقة أنهم ممن كانوا يغتصبون شققا استغلالا لحالة الانفلات الأمنى وأنهم احتلوا أملاكا عامة أو خاصة، وهو ما يمثل جريمة. وتم إخراجهم من هذه المساكن لأنهم مخالفون للقانون ويعتدون على حقوق الغير. وهو أمر لا يمكن أن نلوم الحكومة عليه، بل إننا نطالب بتعميم استعادة الحقوق التى اعتدى عليها الخارجون أثناء الانفلات، لكن أيضا الأمر يحتاج إلى جهد لدراسة أوضاع هؤلاء جميعا لأن من بينهم من لا يمتلك مأوى بالفعل، أو دخلا يكفى ليستأجر به مسكنا، وبالتالى فإن البديل لدى هؤلاء هو افتراش الشارع أو الزحف لإقامة عشوائية جديدة، ونحن لم نتخلص من العشوائيات القائمة.
مشكلة العشوائيات لن تنتهى فورا، وتحتاج إلى جهد سنوات، ويمكن للمجتمع أن يسرع خطوات إنهائها، من خلال منظمات أهلية تشارك فى إزالة هذا العار، وأمامنا مشروع الفنان محمد صبحى لجمع مليار جنيه كبداية لإنهاء العشوائيات.. وهو جهد مشكور.
لكن القضاء على العشوائيات على الأرض يحتاج لإنهاء العشوائيات فى الأدمغة والتفكير.. وهى عشوائيات لا يمكن إزالتها لأنها تسكن عقولا كثيرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة