بعض الذين يتمسكون بقانون الطوارئ، يبدون خوفا من العنف المتوقع فى الانتخابات القادمة. ويبالغ بعض هؤلاء فى توقع العنف، لدرجة أنهم يصورون الانتخابات القادمة على أنها ستتحول إلى حمامات دم.
بالطبع فإن العنف وارد، لكنه لن يتجاوز حجم وشكل العنف فى الانتخابات السابقة، وخلال ثلاثين عاما لم تخل أى انتخابات من عنف وقتل وضرب، وحتى البلطجية الذين نشكو منهم الآن، هم فى الأصل من خريجى مدارس الانتخابات فى الحزب الوطنى. فضلا عن أغرب طرق التزوير والتلاعب، المعقولة وغير المعقولة. وبالتالى لو ظل قانون الطوارئ، لن يكون مفيدا فى مواجهة العنف، ونحن نعرف أن قانون الطوارئ طوال 30 عاما لم يمنع إرهابا ولا مخدرات أو سلاحا ولم يمنع تزويرا. بل إنه كان أداة تربح للفاسدين فى الشرطة والقضاء والمحاماة. وكانت الاعتقالات وما يرافقها من تعذيب من نصيب أبرياء وغلابة وناس ليس لها ظهر. ونعرف شبابا قضوا شهورا أو سنوات من أجمل أيام حياتهم رهن الاعتقال بلا أى تهمة وعانوا التعذيب والقمع بسبب انتمائهم إلى جماعة هنا أو هناك. ويمكن القول إن الطوارئ والتعذيب كانا من عناصر نشر وإشاعة التطرف لأنها كانت تدمر إنسانية البشر وتشوش أفكارهم، وقد اعتمد النظام على الحلول الأمنية فقط، وتجاهل أن وراء التطرف فقرا وبطالة وفقدان أمل. ثم إن كل ما فعله قانون الطوارئ أنه نقل العفاريت من فوق الأرض إلى تحتها.
خلاصة الأمر أننا لسنا فى حاجة إلى قانون طوارئ، ولا الانتخابات تحتاجه. ولا نتوقع أن يكون العنف هو الذى يخيف فى الانتخابات القادمة، لكن ما ينبغى أن يشعرنا بالخوف، هو استمرار قواعد اللعب القديمة.
التزوير فى الانتخابات ليس فقط فى تسويد البطاقات أو التصويت للموتى والمهاجرين، لكنه بإفساد الإرادة، واستغلال حاجة الفقراء ودفعهم لبيع أصواتهم. وهو أمر وارد ومتوقع، ومن كان يبيع صوته سابقا يمكن أن يبيعه لاحقا. ولم يحدث شىء يغير من أحوال الفقراء ويمنعهم من الخضوع للابتزاز والضغط من القادرين والمشترين. وقد رأينا مؤخرا رجال أعمال ووكلاءهم يشترون توقيعات الغلابة وتوكيلاتهم لإنشاء أحزاب، ومن الوارد أن يمتد شراء إرادة الناخبين إلى وقت الانتخابات.
المال إذن وليس العنف هو ما يجب أن نخاف منه على المستقبل، هناك عدد كبير من رجال النظام السابق يملكون المال، الذى جاء من طرق ملتوية أو مصادر غير مشروعة، ولا يوجد ما يمنع هؤلاء من شراء إرادة الغلابة. وأصواتهم.
النظام لم يتغير بعد والخوف فى الانتخابات القادمة ليس فقط من الفلول لكن أيضا من لصوص الإرادة الذين يشترون ويبيعون الأصوات بأموال أو وعود. لنجد أنفسنا أمام ديمقراطية شكلا.. وفى الموضوع مدفوعة مقدما.