فى نفس التوقيت من كل عام تقريبا يدب النزاع والخلاف بين وزارة الكهرباء ووزارة البترول ويتبادل الطرفان الاتهامات العلنية والسرية حول مسؤولية كل طرف عن أزمة انقطاع التيار الكهربائى.
ما زلنا نتذكر الاشتباك الساخن الذى نشب طوال شهور الصيف الماضى بين الكهرباء ووزيرها الحالى الدكتور حسن يونس، والبترول فى عهد الوزير الأسبق سامح فهمى، بنفس السيناريو والحوار الذى يتابعه الناس حاليا، فالكهرباء تتنصل من مسؤوليتها عن استمرار انقطاع التيار الكهربائى فى عدد من محافظات مصر وتحمل وزارة البترول المسؤولية فى عدم تزويد محطات التوليد بكميات الغاز المطلوبة، والبترول تتهم الكهرباء بعد ترشيد استهلاك الغاز.
القصة ملهاة حقيقية وتجاوزت حدود المأساة، فمصيبة انقطاع التيار معروفة ومتكررة سنويا، ومع ذلك لم يتحرك أحد سواء كانت وزارة الكهرباء أو وزارة البترول لوضع الخطط والحلول، وكأن الأزمة قد هبطت علينا فجأة فأربكت حساباتنا وشلت تفكيرنا، وكأنه مكتوب على الناس تحمل المصيبة والصبر على المسؤولين الذين يديرون قطاعات ووزارات حيوية ومهمة فى مصر هدفها الأول مصلحة الناس وليس الدخول فى مهاترات واتهامات وعدم تحمل المسؤولية. فما حدث بين الكهرباء والبترول فى العام الماضى يعاد إنتاجه مرة أخرى وينتظر التدخل الحاسم من الدكتور عصام شرف لوقف هذه المهزلة التى يتحمل نتائجها الناس وحدهم، ومحاسبة المسؤول عن تكرار هذه الأزمة، فهل من المعقول أن توليد الطاقة الكهربائية فى مصر تعتمد فقط على إمدادات الغاز الطبيعى، فى الوقت الذى اتجه فى العالم على تقليل الاعتماد على الغاز والاتجاه لتوليد الطاقة ببدائل أخرى كالطاقة النووية والشمسية وغيرها. محطات الكهرباء مصر تعتمد على استخدام الغاز الطبيعى بنسبة 82 %، مقارنة بباقى دول العالم والتى تعتمد فقط على 21 %. ولا نعرف أين خطط ومشاريع الطاقة البديلة والمتجددة فى مصر طوال السنوات السابقة. القضية أكبر من اتهامات وخلافات تافهة بين وزارة وأخرى، وتحتاج إلى ثورة حقيقية فى طريقة التعامل مع قطاعات حيوية مثل قطاع الطاقة التى ستدور حوله حروب المستقبل مع المياه، والعالم يتسابق لإيجاد مصادر طاقة بديلة ويتجه مباشرة إلى الطاقة النووية السلمية ودول عديدة قطعت مشوارا طويلا فى هذا الاتجاه، أما نحن ففى انتظار ما سوف تسفر عنه خناقة وزارة البترول ووزارة الكهرباء!