لا شىء يمكن أن نستخلصه من الجلسة الثانية لمحاكمة المخلوع حسنى مبارك سوى أن مساحات النصب و«الفهلوة» وقلة الإخلاص مازالت تمثل النسبة الأكبر من النفوس التى تعيش على أرض هذا الوطن.
الغربان السوداء التى تملأ قاعة المحكمة وتتسلى بالضحك والقفشات والحوارات الجانبية وتتلهف على الصراخ تدفعك لأن تصل إلى هذا الملخص، وتدفعك لأن تعود إلى تشاؤمك القديم الذى تلقيه الغربان السوداء فى قلبك حينما تتجمع فوق شجرة قريبة من منزلك، وتظل تنعق وتضرب بأجنحتها دون أن تعرف لفعلها سببا.
الفرحة بوجود مبارك داخل قفص الاتهام يمكنك أن تعتبر أنها ضاعت بسبب أداء السادة المدعين بالحق المدنى، وبعض التركيز فى عيون جمال وعلاء ونظراتهم للسادة محامى أهالى الشهداء ستكشف لك أنها تعبر عن سخرية واضحة، ويقين واضح فى نفوس المحبوسين داخل القفص بأنهم غير مذنبين على اعتبار أن الشعب الذى تكون نخبته القانونية والسياسية على هذه الحال من الجرى خلف الميكروفونات والمنظرة «والرطرطة الفارغة» لم يكن يستحق أفضل مما كان.
للأسف مشهد المحامين داخل القاعة يعبر بشكل أو بآخر عن حال النخبة المثقفة أو الطليعة التى تتقدم منصة الثورة بشكل عام.. عقول تتخيل أن الهتاف أهم من التفكير، وألسنة تلقى بالكلمات قبل أن تمررها على عقلها، وانعدام واضح للرؤى، وفقر أوضح فى الخطط التى يمتلكونها، وغرق تام فى أداء مشاهد تمثيلية عن الشجاعة والثورية، وبحث جاد عن «شو» إعلامى يظهر من خلفه كل محام وكل مدعى ثورة على شاشات التليفزيون.
المشهد بعد المعاينة والفحص والتدقيق وضمه لمشاهد عديدة كان أبطالها بعض من شباب الثورة والائتلافات وقيادات الأحزاب يؤكد وجود نقص حاد فى هرومونات الإخلاص لدى هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الثورة والحق، المشهد بعد المعاينة والفحص يؤكد أن عمليات التخريب التى تتعرض لها الثورة المصرية تتم بأيدى البعض ممن اعتقدنا أنهم معنا لا علينا، مثلما تتم عمليات تخريب قضية قتل المتظاهرين بأيدى محامى الحق المدنى لا محامى المتهمين.
إنها أزمة إخلاص يا سيدى تتجلى كل يوم بوضوح وتتضخم كلما تجنبنا النظر إليها، أزمة إخلاص حادة يعانى منها هؤلاء الممثلون الذين يملؤون الدنيا الآن صراخا ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين بعد إحالة أسماء محفوظ بسبب - حسب ما قالت هى - مجموعة من التعليقات على تويتر كان الأوجب أن تحاسب عليها بتهمة الفراغ الذهنى والمراهقة السياسية، وليس إهانة المجلس العسكرى كما تقول هى أو كما يقول الإعلام.
الغريب فى الأمر أن المحاكمات العسكرية للمدنيين أصبحت فعلا اعتياديا منذ بدأت الثورة ونالت العديد من الغلابة، والذين لا يملكون طريقا نحو برامج «التوك شو»، ولم نسمع اعتراضا أو سعيا من السادة النشطاء نحو مقرات النيابة العسكرية، لأنهم كانوا مشغولين بتقسيم «تورتة» الظهور على الفضائيات وشغل الناس بمعركة «الدستور أولا» للتغطية على ما أثبتته نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية بخصوص ضعف تواجدهم وتأثيرهم فى الشارع، وهى النقطة التى أدركها وائل غنيم متأخرا جدا، وحاول أن يعالجها بمجموعة من النصائح أرى فيها خطوات واجبة التنفيذ قبل أن يضيع أى أمل لتلك القوى الثورية فى التواصل مع الشارع.
صدقنى هى أزمة إخلاص حولت المشهد كله إلى مولد كبير، وأنتم تعرفون بالضرورة أن الأراجوزات والحواة هم نجوم الموالد بلا منازع، بينما المخلصون بجد دائما ما يخرجون منه بلا حمص.. ويا رب خيب ظنى!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وحدة وخلاص
يارب ويخيب ظنك
عدد الردود 0
بواسطة:
motaz
الله
الله عليك يابنى
عدد الردود 0
بواسطة:
hoba48
حرام والله
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل حسين
محترم والله
استمرررررررررررر انت مش لوحدك ..احنا كتيييير اوى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
اين
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري بالخارج
صحفي وكاتب رائع
كاتب رائع وأسلوب وعرض أروع للمقال .. بالتوفيق
عدد الردود 0
بواسطة:
owdy81
يوميات أودي المصراوي
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى حقيقى من أصحاب البلد ...
ياريت السنة كلها رمضان طالما كل مقالاتك فيه رائعة وجميلة وحيادية بهذا الشكل
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى حقيقى من أصحاب البلد ...
ياريت السنة كلها رمضان طالما كل مقالاتك فيه رائعة وجميلة وحيادية بهذا الشكل
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى حقيقى ...
ياريت السنة كلها رمضان طالما كل مقالاتك فيه رائعة وجميلة وحيادية بهذا الشكل