تناولنا فى مقالين سابقين- سنة صيام المصريين 467 يوماً، ومدد شدى حيلك يا بلد- علاقة الصيام بالعادات والتقاليد.. والتبرك، والموالد عند المصريين، وارتباط ذلك بالشخصية المصرية على المستوى الفردى والجماعى، وكيف ارتبط ذلك تاريخياً بروح المقاومة عند المصريين للمستعمر والمحتل والظالم، وفى هذا المقال نتناول الاحتفالات الشعبية المصرية بالمولد، والمقصود بها مناسبات الاحتفال الدينى بيوم مولد أو وفاة قديس، أو ولى من أولياء الله الصالحين بهدف التبرك وتكريم صاحبها.. ويشترك المصريون مسلمين وأقباطاً فى هذه العادة، فنجد منذ العصر القبطى موالد السيدة العذراء ومار جرجس والست دميانة وغيرهم، وكذلك منذ دخول الإسلام مصر حينذاك احتفالات وموالد لسيدنا الحسين والسيدة زينب، وتصنف الاحتفالات إلى فئتين هما: أولاً: المناسبات الدينية العامة مثل: مولد النبى «ص»، وأول العام الهجرى، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان عند المسلمين، وميلاد السيد المسيح، ورأس السنة الميلادية، ورأس السنة القبطية، وغيرها عند الأقباط.
ثانياً: وهى الاحتفالات بمولد أو استشهاد أولياء الله الصالحين والقديسين، وهناك ثلاثة عناصر رئيسية عند الاحتفال بالمولد، وهى:
1 - زيارة الضريح أو رفات القديس.
2 - الذكر أو التسبيح لتكريم الولى أو القديس.
3 - الموكب، ولا يجوز حضور المولد دون زيارة الضريح أو التبرك بموكب أيقونة القديس أوالقديسة. ويرتبط بالمولد واحتفاليته ما يمكن تسميته تطبيق الحواس الخمس بداية من:
1 - حاسة السمع: عبر الإنشاد، سواء الأغنية أو الحكاية الشعبية، أو الترنيمة، والتى ترتبط بذكر بطولات وأساطير الولى أو القديس، وكيفية مقاومته الظلم والشر.
2 - حاسة البصر: وتعتمد على رؤية الرايات أو الأيقونات فى المسيرات.
3 - حاسة الشم: إطلاق البخور.
4 - حاسة اللمس والحركة: وهى ترتبط بلمس الأضرحة والأيقونات للتبرك.
5 - حاسة التذوق: وهى ترتبط بأنواع معينة من الحلويات والأطعمة، وترتبط بكل مناسبة أو مولد.
ومن أهم العادات التى ترتبط بالموالد الشعبية هى «النذور»، والنذر هو التزام، القيام به لازم من الشرع فى الإسلام، كأن يقول لله علىّ صوم كذا، ولله أصلى كذا، والنذر عبادة من العبادات فى المسيحية والإسلام على السواء، وقد كان النذر موجوداً فى التوراة حينما نذرت «حنة» أم النبى صموئيل ابنها لله على سبيل المثال، وكذلك ذكر القرآن الكريم نذر مريم عندما نذرت ما فى بطنها لله، فقال «إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محرراً فتقبل منى إنك أنت السميع العليم» آل عمران: 35، وقد شرعت الأديان النذور مثل النذر المطلق: وهو النذر الذى ينذره صاحبه شكراً لله على حدوث نعمة، أو نجاة من مكروه، كأن يقول لله علىّ صوم للوفاء بكذا.. والنذر لا يبتغى إلا وجه الله.
وهناك النذر المقيد: وهو النذر الذى يتعلق بحدوث شرط، كأن يقول: لله علىّ صوم كذا إن شفى الله مرضى، فإن تحقق الشرط وجب الوفاء بالنذر، وفى كل الأحوال، سواء كان النذر مطلقاً أم مقيداً، فهو لوجه الله.
ولا تختلف القوانين المسيحية فى التقليد القبطى عن روح السنة فى الإسلام الخاصة بالنذور، ولكن المصريين يتميزون عن باقى الشعوب فى تضفير ومزج النذور بثلاثة أشكال رئيسية هى:
أولاً: أغلب النذور ترتبط بالأصوام التطوعية.
ثانياً: الشموع وإنارتها أمام الأضرحة والأيقونات.
ثالثاً: الأضحية وتوزيعها كصدقات. وغالباً ما يتم ذلك فى الموالد المسيحية والإسلامية.. رمضان كريم وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة