أكرم القصاص

الفساد المشروع!

السبت، 20 أغسطس 2011 08:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طالما نتحدث عن إعادة تفعيل قانون الغدر وإيقاظه من مرقده بعد حوالى ستين عاما، يفترض أن تشمل المناقشة آليات التطبيق، حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد استعراض. فالقضية ليست مجرد إحياء قانون قديم بل هى كيفية تطبيق القانون، خاصة أن محاولة تطبيق قانون الغدر سوف تواجه صعوبة فى تحديد الفئات التى يجب أن يطبق عليها القانون، خاصة أن السنوات الأخيرة شهدت تداخلا بين السلطة والثروة يجعل بعض الفساد مشروعا.

ويبدو أحيانا أن تفعيل قانون الغدر تم من أجل الإرضاء، وأن الشجاعة لتطبيقه لا تتوفر كما جرى فى أول مرة بعد ثورة يوليو، حيث كان مجلس قيادة الثورة متجانسا والأهداف أكثر وضوحا. وخلفهم كان هناك فقهاء قانون، يعرفون ماذا يحتاجه البلد، أما الآن فلاتزال البلاد تعانى من أعراض مبارك الذى كان أخطر نتائج سياساته هو تجريف النخب القانونية وتغييب البدائل وزرع الشك المتبادل.

ومن الصعب تصور إمكانية التعامل مع عشرات أو مئات من رجال الأعمال يسيطرون تقريبا على أغلب الأنشطة الاقتصادية، وأغلبهم متورط بطريقة أو بأخرى فى تحقيق مكاسب وأرباح وأراض خارج القانون. وبعضهم لايزال يعمل ويمارس السياسة مباشرة أو من وراء ستار. جاهزون لتوظيف سلطتهم المادية فى ترتيبات السياسة القادمة من انتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة. ولا شىء تغير فى معادلة السياسة حتى يمكن للضعفاء المشاركة أو الحصول على حقهم فى اختيار من يمثلونهم وليس من يمثلون عليهم.

مع الأخذ فى الاعتبار صعوبة تقديم أدلة على عدم مشروعية ثروات بعض الفاسدين ممن أثروا بطرق غير مشروعة أو علاقات مباشرة مع الحزب الوطنى وأمانة السياسات وطاقم الفساد والاحتكار، وبالتالى يصعب تطبيق قانون الغدر عليهم. كما أن إثبات عدم مشروعية ثرواتهم يحتاج إلى جهد ووقت قد لا يكون متوفرا لدى النظام الحالى.

ولا يمكن تجاهل أن بعض الوجوه التى تفرض نفسها على الجمهور فضائيا ومؤتمريا وندواتيا ممن ينطبق عليهم الغدر، كانوا يفعلون مع النظام السابق ما يفعلونه الآن وما يمكنهم فعله مع أى نظام.

المطلوب إذن هو السعى حتى لا يتحول قانون الغدر إلى تحصيل حاصل، ووضع قواعد أكثر وضوحا، خاصة أن تطبيق القانون على من أفسدوا الحياة السياسية قبل ثورة يوليو كان أسهل كثيرا من الوقت الحالى، الأوضاع كانت أكثر وضوحا والأعداد محدودة ومعروفة، ومع هذا فالأمر لم يخل من كيد وأخطاء، فما بالنا والوضع الآن أكثر تعقيدا وتشعبا!.

ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، ضمان إبعاد كل من كانت له علاقة بالفساد السياسى والاقتصادى، والتعامل مع ثروات حصل عليها أصحابها بطرق غير مشروعة بالمصادرة أو التأميم. حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد استعراض أو انتقام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة