مصر اليوم مختلفة، تخرج كلها رفضا للعدوان على السيادة المصرية. إسرائيل تعجز عن حماية أمنها، تريد شماعة تحصل بها على المزيد من المعونات، والولايات المتحدة كالعادة تساند إسرائيل ولا ترى غيرها.
المظاهرات ضد السفارة الإسرائيلية فى محلها، وموقف الشعب يتوافق مع موقف الحكومة والجيش، هنا الجيش وليس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المتظاهرون يعرفون تماما الموقف من إسرائيل، والمعاهدة والعلاقات الدبلوماسية، الأغلبية لا تدعو إلى حرب، لكن ليس أقل من موقف حقيقى يعبر عن رفض سلوك إسرائيلى دائم بالاعتداء على الآخرين وعدم تقديم اعتذار. نريد إدارة للصراع وليس حربا فورية، وإدارة الصراع ليست بالضرورة حربا ولا هى استقرار قائم على الأسقف المنخفضة.
لا أحد يريد الحرب ـالآن على الأقل- حتى يمكننا أن نستعيد مصر القوية، ونعيد ترتيب أولوياتنا ونسيطر على مقدراتنا وقراراتنا، ومع أول برلمان قادم يفترض أن تبحث مصر تعديل اتفاقية كامب ديفيد، حتى يمكن أن تكون لمصر السيادة على أرضها كاملة.
وفى هذا الصدد جاء بيان الحكومة متوافقا مع أغلب اتجاه الرأى العام، للمرة الأولى من سنوات، حيث كان النظام بمزاعم الاستقرار، يتخذ أكثر المواقف ضعفا، وخفوتا، أما الآن فقد أعلنت الحكومة سحب السفير المصرى من إسرائيل، وطلبت اعتذارا عن الجريمة الإسرائيلية، مع الحرص على حماية الحدود، ومواصلة حملتها ضد البلطجة والتطرف والإجرام فى سيناء.
أما أهم ما فى بيان الحكومة، فقد كان الحديث عن «إنشاء جهاز للتنمية الشاملة لسيناء، يشرف وبشكل فورى على أوجه عملية التنمية والنهوض بسيناء فى كل النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحل مشاكل أهالى سيناء، إدراكا بأن معركة التنمية والنهوض بسيناء هى خط الدفاع الأول عنهما، أمام المخططات الإقليمية والمشبوهة».
هنا يمكن القول بأنه مربط الفرس فى معركة سيناء، صحيح أن المواقف التى اتخذتها الحكومة قوية، لكن البند الأخير حول تنمية سيناء هو الأصل، لقد بقيت سيناء معزولة عن مصر طوال عقود، وحتى عند عودتها جرى التعامل معها على أنها محمية سياحية، وتم تجاهل أهلها وسكانها المصريين الذين دفعوا الثمن على مر السنين. وكان التعامل معهم يتم بملف أمنى وليس ملف إنسانى، كمواطنين لهم الحقوق وعليهم الواجبات. إن تنمية وتعمير وزراعة سيناء هى الطريق الوحيد لتأمينها نهائيا، وربما لهذا تدور الخطط الأخيرة من هجمات متطرفة فى الداخل وانتهاك فى الخارج من إسرائيل.
نحن لا نريد الآن حربا مع أحد، ونريد أن نخوض حربنا نحن فى الوقت والمكان اللذين نحددهما. والحرب فى سيناء الآن إدارة للصراع وحرب بشر ومواطنين.. وليست حرب سلاح.