امتنع اللسان عن الكلام، واتسعت العين من الدهشة والفرحة والحب، وخفق القلب ابتهاجا ونشوة.. هو العلم المصرى مرة أخرى، يرتفع ويرتفع ويرتفع.
بدأ العام بالعلم حينما رفعناه اعتراضا على حادثة تفجير كنيسة القديسين، لنتحدى الفُرقة برمز الوحدة، ويبدو أن هذا العام الحافل العظيم، سيكون «عام العلم» بلا منازع، وكيف يجد منازعاً، وهو يرفرف الآن أعلى وأعلى فوق السفارة الإسرائيلية فى تحد خارق لحالة الميوعة الحكومية والرسمية، وإعلان صريح أن الشعب المصرى هو حامى ثورته الأول.
كان الزمان متأهباً لاحتضان المفاجأة، كان هنالك شيئ مختلف، ينبئ بأن القادم أروع، بعينى رأيت شابا فى العشرين ينزع الساتر الحديدى المواجه للسفارة الإسرائيلية يوم الجمعة الماضى، يد عارية تزلزل الحديد من مكانه، ثم تعصف به كورق شجرة بائسة، ساتر بعد آخر أصبحت السفارة عارية، والشاب لا يتعب ولا يمل، كانت الروح جارفة، والذهن متقدا، أيام مرت، ومحاولات إنزال العلم الإسرائيلى لا تتوقف، بعض الشباب حاولوا إشعال النار فى العلم بالألعاب النارية، لكن لم يحالفهم التوفيق، وبخيال جمالى جامح، حاول البعض أن يسقط العلم «بطيارة ورق»، وما هى إلا ساعات حتى جاء أحمد الشحات بالخبر اليقين، وتسلق الأدوار العشرين، ليعلن أنه لا مكان لأعلام القتلة بيننا.
جاء قائد «غزوة العلم» أحمد الشحات، ليتوج هذا اليوم المهيب بمشهد عصى على النسيان، هو يوم بهيج آخر من أيام الثورة المصرية، كيوم التنحى، وحرق مقار أمن الدولة، والاستفتاء، ومحاكمة مبارك، تمشى الثورة فى طريقها شاء من شاء، وأبى من أبى، تطهر الثورة مجراها، وليستعد للإقصاء من لا يريد التطهير، تعيد الثورة رسم الخريطة على هواها ومزاجها، ترسم الحدود، وتخطط لمستقبل، وتغسل أوحال الماضى.. لشهدائنا على الحدود الآن أن يستريحوا، بعد أن علم العالم أجمع أن الدماء المصرية أغلى من أن تنتهك، للبطل المصرى سليمان خاطر الذى قتل ستة إسرائيليين لانتهاكهم الحدود المصرية فى الثمانينيات أن يفرح الآن، فالعلم الذى أهانه الصهاينة أمام عينيه يرفرف الآن على مقر سفارتهم، ومن قتله استرضاء لأعدائنا، يحاكم بتهمة تبديد الوطن، ولنا الآن أن نقرأ الفاتحة مطمئنين لكل شهدائنا على الحدود، ولكل أسرانا الذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلية، بعد أن تأكد الجميع أن مصر تحكم نفسها، وأن دماء أبنائها أعلى وأعلى، وآن الأوان لنفتح كل هذه الملفات المسكوت عنها ابتداء من قتل الأسرى المصريين فى 1967 وحتى الواقعة الأخيرة.. إرفع راسك فوق إنت مصرى.. ارفع راسك فوق شوف العلم المصرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة