فى الماضى كان للثورة مفهوم آخر غير المفهوم الذى نعيشه أو نعرفه الآن، قبل 25 يناير كان مفهوم الثورة مرتبطا بتضحيات جيفارا وعمر المختار، وهؤلاء الذين يخرجون بصدور مفتوحة وهم يحملون أرواحهم على كفوفهم غير منتظرين درهما أو دولارا أو كاميرا تصدر وجوههم للناس عبر الشاشات ليل نهار.
بعد 25 يناير يبدو أن أشياء كثيرة تغيرت، وتخيل العديد من شباب الائتلافات، والعديد من أكابر أهل السياسة الذين تصدروا مشهد الحديث باسم الثورة، أن 25 يناير «كارنيه» يمنحهم حق تجاوز القوانين، وحق الوصاية على الشعب المصرى، وصورت لهم الظهورات الفضائية والهتافات الثورية أنهم فوق النقد، وأنهم مثل نجوم السينما يكتفون بملامحهم للعبور من البوابات المؤمنة، وجاهزون للتوقيع على الأوتوغرافات للمعجبين.
ليس فى الكلام السابق أى مبالغة، ولكنه كلام يبدو مقبولا حينما يصدر عن شباب صغار السن، ويبدو مزعجا ومحزنا حينما يصدر عن رجال كبار لهم من المواقف المحترمة ما يجعل نقدهم أمرا قاسيا على نفسك.
على ذمة وكالة أنباء الشرق الأوسط، تم ضبط الدكتور ممدوح حمزة متلبسا بارتكاب واحدة من تلك الأفعال التى لا تختلف عما هو مذكور فى السطور السابقة، والمفارقة فى الواقعة أن صوت الدكتور حمزة العالى والصارخ والذى يجعل منه ضيفا مميزا للبرامج التى تبحث عن السخونة، كان سببا فى لفت أنظار الناس إلى الخطأ الذى ارتكبه مساء الأربعاء فى مطار القاهرة، حيث نقلت الوكالة الرسمية أن مشادة كلامية اشتعلت بين الدكتور ممدوح حمزة وبين أحد ضباط الجوازات بمطار القاهرة الدولى، لأن الضابط تجرأ وطلب من ممدوح حمزة الناشط المعروف التحقق من هويته المثبتة فى جواز سفره.
كيف تجرأ الضابط وفعل ذلك؟ وهل الضابط -لعنه الله- لا يشاهد الفضائيات أو يتابع الفيديوهات الواردة من ميدان التحرير؟ وهل -أعماه الله- لم يشاهد الصور المنتشرة فى الصحف للمجلس الوطنى الذى لا يعرف له أحد رأسا من قدم؟ وهل -أطرشه- الله لم يسمع ببطولات الدكتور ممدوح فى ميدان التحرير والفيلا السرية التى أهداها لشباب 6 أبريل من أجل التخطيط للثورة بداخلها؟ وهل كان الضابط سيفعل ذلك مع عمر الشريف وهو يعبر من بوابة المطار؟ أم أنها مؤامرة هدفها إحراج ممدوح حمزة وإجباره على ارتكاب هذا الفعل الشنيع الذى يتلخص فى قيامه بإبراز هويته داخل المطار؟
من المؤكد أن ممدوح حمزة أخذته جلالة الثورة، وفكر فى كل هذه الأشياء وهو ينفعل ويرفع صوته على ضابط الجوازات لمجرد أنه طلب منه إبراز تحقيق الهوية، فى إجراء طبيعى يفعله الضابط مع ألف غير الدكتور المهندس الناشط ممدوح حمزة وأكثر.
حتى موعد كتابة هذه السطور لم ينف ممدوح حمزة الواقعة، أو حتى يبررها، أو يخرج ليقدم اعتذارا علنيا للضابط وللناس فى الشارع، لأنه أراد أن يتجاوز القانون.. أنا عن نفسى أتمنى أن ينفى الدكتور الواقعة أو يعتذر عنها، لأن فى القصة عيبا كبيرا وجريمة أكبر أن يتم ضبط أحد أهم رموز الحركة السياسية فى مصر الآن متلبسا بفعل من أفعال الصغار.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة