لأنه نجم شباك؛ تنشر الصحف أخباره وتصريحاته وتجعلها فى صدر صفحاتها الأولى، ولأنه دبلوماسى سابق، يعرف متى يصمت ومتى يتكلم ومتى يجعل الصورة تتكلم نيابة عنه، إنه عمرو موسى، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، وصاحب الشعبية التى أسسها شعبان عبدالرحيم، الذى كره إسرائيل وشارون ويّا شيمون وأحب عمرو موسى وكلامه الموزون، وصمد على هذا الحب حتى بعد أن عرف أن «موسى» أول من سعى لتصدير الغاز إلى إسرائيل.
يجيد موسى التعامل مع الإعلام، واثق من نفسه غالبا، يهاجم حينا ويدافع حينا، يرتبك بشدة إذا ما باغته أحد بسؤال من خارج الكتاب، أحيانا لا يستوعب فكرة وجود شخص «ما» ليس مفتونا به، يظهر فى الأجواء الساخنة، ويختفى فى الأوقات الرمادية، وإذا ظهر فغالبا ما يدلى بتصريحات لا تضيف شيئا لسامعها، وهو ما أثار حوله انتقادات كثيرة فى الأيام الماضية، ولذلك غيَّر الخطة، واجتهد فى أن يستغنى عن التصريحات بصناعة صورة حلوة، تتلقفها وسائل الإعلام، والصورة الحلوة بألف تصريح.
على طريقة جميل راتب فى فيلم طيور الظلام، يتحفنا موسى كل يوم بصورة «مفتكسة» مرة فى مقابر الإمام، ومرة فى إمبابة، ومرة فى دار السلام، ومرة فى القليوبية، لكن تحتفظ صورته مع عمال جامعة الدول العربية أثناء توديعهم إياه بالسبق فى الإعلان عن هذا النهج، ويا للعجب فقد اختار موسى أن يقف «مصادفة» مع عامل نظافة، والكتف فى الكتف، ولم يكن ينقصه إلا أن يهتف عادل إمام من خلفه «عاش رشدى الخيام نصير المطحونين».
مرة أخرى التقطت له الكاميرا صورة، وهو يحمل طفلا صغيرا، ولم يكن ينقصه أيضا إلا أن يهتف له عادل أمام قائلا: عاش رشدى الخيام نصير المبلولين، لكن فى الآونة الأخيرة حرص موسى على أن تكون صوره التى يوزعها على الصحف أثناء الصلاة، مرة فى الإمام الشافعى ومرة فى القليوبية ومرة فى الإمام الرفاعى، وبرغم أن الصلاة صلة بين العبد وربه، لكن للبعض فيها مآرب أخرى، فالباعة يستثمرونها لعرض بضاعتهم، والشحاذون يستغلونها لاسترقاق قلوب المحسنين، والسارقون يعتبرونها فرصة ذهبية للاستيلاء على أحذية المصلين، وقد يجد فيها السياسيون فرصة ذهبية لاقتناص أصوات الناخبين.. شهدنالك يا موسى، وعرفنا أنك تصلى جماعة، وتؤم الناس، وتحفظ ما تيسر من القرآن.
إصرار المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية على إبراز صورته وهو يصلى، قد يجعل بعض سيئى الظن يدعون أن الحقيقة على عكس الظاهر، وحجتهم فى هذا قد تبدو منطقية، فالمبالغة فى إظهار شىء ما قد تكون محاولة لإخفاء الحقيقة، والتى غالبا ما تكون على العكس من الظاهر، كما تجعله عرضة للاتهام بتقديم فروض الولاء والطاعة للمتأسلمين، والمتاجرة بأقدس اللحظات وأطهرها، لذا أنصح السيد عمرو موسى بعدم الإكثار من هذه الصور فالمساجد لله، ولا تدعو مع الله أحدا.