كمال حبيب

ما بعد عصر الطغاة

السبت، 27 أغسطس 2011 04:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سقط طاغية جديد فى العالم العربى هو القذافى وانتصر الشعب الليبى، ومصير القذافى الهائم على وجه فى مكان لا نعرفه خائفا وحيدا فريدا يشير إلى مستقبل كل الطغاة فى العالم العربى بحيث يمكننا القول إننا أما عصر جديد يتشكل هو عصر ما بعد الطغاة، فمصير بشار الأسد الذى قتل بدم بارد أكثر من ألفين من شعبه يشير إلى أن سقوطه لابد قادم، وأن عصره ونظامه إلى أفول، المدهش أن كتاب الطغاة واحد، صفحاته متشابهة وكلماته متقاربة وكأنهم تواصوا به، فللطغاة كتاب عرفناه فى العالم العربى من خلال الثورات العربية العظيمة.

كان هذا الكتاب سرا من الأسرار، لم نكن نعرفه أو نستطيع الاقتراب منه، كنا فقط نلجأ للعلوم الاجتماعية لنفهم ولكن الطغاة المراوغين كانوا يمتلكون سر كتاب الطغيان فيبدو لنا وكأن العلوم التى درسناها فى الجامعات لا تنطبق عليهم، بيد أن الذى أنصف العلوم الاجتماعية وأنصف الشعوب معا هى الثورات العربية التى جعلت كتاب الطغاة مفتوحا ومشهودا ومعروفا وكأننا نقرأ مصير كل واحد ونعرفه، فمصائرهم متشابهة مهما عاندوا وقاوموا ومهما تحدثوا عن المؤامرات التى تحاك ضدهم، لقد فتحت الشعوب العربية كتاب الطغاة وأصبحت تمتلك مفاتحه وأسراره وتعرف ألغازه، فلم نجد ثورة واحدة فى تونس أو مصر أو ليبيا خدعها طاغية من حكام تلك البلدان، لقد كان هناك وعى الثوار الذين فتحوا الكتاب وفهموا الألغاز والأسرار، الحمد لله لقد أصبحنا فى عالمنا العربى اليوم كتاباً جديداً هو كتاب الثورة والثوار، فقد سقط كتاب الطغاة ومن ثم صرنا إزاء ما أطلق عليه عصر ما بعد الطغاة.

لقد كان سقوط القذافى مدوياً، وسقطت معه أسرته، بيد أن عناد الطغاة وأبنائهم يجعلهم يبدون أغبياء وهم يقولون قبل لحظات من سقوطهم إن بلادهم على ما يرام وإن الشمس ساطعة والأجواء تمام والأمور تحت السيطرة، هل هذا أمل الطاغية حين يفلت من تحت يديه سلطانه الذى يعطيه الأمان ويعطيه معنى الشعور بأنه طاغوت فوق الإنسان، أم أنه جهل الطاغية، فكل الطغاة أغبياء جهلة حين لا يستطيعون قراءة ما يجرى ومعرفة رياح المستقبل، وعموماً فإن الطغاة لا يحبون أن يعرفوا ما يخبئه المستقبل، فهم دائما يعيشون لحظات الماضى وليس المستقبل، أم أنه شعور اللحظة الأخيرة التى يريد أن يظهر فيها ليلتقط الصحفيون له صورة قبل أن تطويه مجاهل النسيان والخزى والعار، هكذا فعل سيف الإسلام القذافى قبل اقتحام مقر العزيزية بدقائق، لقد كان كالطير المذبوح وكان يمكننا أن نعرف صورة القذافى التى لم يقدر لنا أن نراها حتى الآن من خلال صورة ابنه فهو أكثر العالمين قربا من طغيانه وشخصيته.

رأينا طاغية مصر العتيد وهو يرقد غائبا عن العالم داخل قفص الاتهام وهو يحاكم، وإلى جواره ابناه البائسان، ونرى اليوم طاغية عاتٍيًا غشومًا وهو القذافى وهو مطارد هارب ينتظره مصير مبارك.

ورغم تماسك وعناد بشار فإن الشعب العربى فى سوريا قد جاوز نقطة الرجعة عن الثورة كما أن نظام بشار قد جاوز هو الآخر نقطة أن يسامحه شعبه، ومن ثم فإن تونس ومصر وليبيا قد رسمت فى الواقع مستقبل سوريا.

العالم العربى يتشكل من جديد وكل فتح فى عصر ما بعد الطغاة يعنى انتصارا للعالم العربى وانتصارا للثورات العربية، ومن ثم فانتصار ليبيا هو انتصار لمصر ولتونس وانتصار لعالم عربى كان دارسو العلوم السياسية اعتبروه من المناطق المثالية لدراسة نظم الطغاة، نحن الآن ننتقل لنكون مناطق للثورة ولعصر جديد هو عصر ما بعد الطغاة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة