بعض من المظاهر والشخصيات التى نراها على المنصات أو أمام الكاميرات، وكثير من البلطجية وقطاع الطرق، هم فى الواقع مرضى بالتسلط، يعانون من آثار النظام القمعى ويحتاجون إلى العلاج، وسوف نحتاج شهورا وربما سنوات لنتخلص من تأثيرات التسلط، وربما كنا بحاجة إلى إدراك أن ما نراه من بلطجة وخروج على القانون وانتشار للجريمة، ومعه بعض أعراض الفوضى السياسية، من أعراض التسلط وحتى الجرائم وقطع الطرقات، جزء من أعراض القهر يمارسه مذلون سابقون ونماذج مشوهة وفاقدة للقدرة على التمييز. مرض التسلط يجعل البعض مصرا على رأيه، متجاهلا أو رافضا آراء الآخرين. يرى نفسه على حق والآخرين على باطل.
الكثير من خبراء علم النفس الاجتماعى يرون أن المتسلط كثيرا ما يترك آثاره على ضحاياه ومن يحكمهم، فإذا بالضحايا السابقين يتحولون بينهم وبين بعضهم إلى متسلطين، يمارس كل منهم القمع على من هم أضعف منه. وهذه الأعراض نراها الآن لدى بعض ممن يتصدرون المشهد أو يتقافزون على المنصات، ويمارس كل منهم المصادرة باسم الديمقراطية والقمع باسم الحرية، وقد رأينا بعضا ممن كانوا يرفضون الاستبداد يطالبون بأن يتميزوا ويصبحوا فوق الآخرين.
تلك الأعراض يصفها الدكتور مصطفى حجازى بأمراض التخلف الاجتماعى، حيث يقلد الضحايا من كان يتسلط عليهم أو ما يسميه «التماهى بالمتسلط».. والتماهى بعدوان المتسلط، حيث تتقمص روح الديكتاتور عقول ضحاياه، فيتبنون مواقفه.
من مظاهر تقليد عدوان المتسلط أنه يظهر لدى من تسمح له الظروف ليمارس سلطة على أناس أضعف منه، والتعالى الذى يظهره الفقير على الأفقر منه، والبائس تجاه من هو أشد بؤسا منه.. وحتى البلطجة وانتشار السلاح والإكثار من الاستعراض به وإطلاقه والتباهى به فكلها من أعراض التسلط على المقموعين الذين يقلدون قاهرهم السابق، وبعد أن كانوا يشعرون بالذل أمام رجال السلطة فإذا بهم يقلدون ما كان يحدث معهم، ولكن على من هم أضعف منهم.
وبالتالى فإن الاستعراض الذى نراه عند بعض البلطجية فى الشوارع والمعارك يشبه استعراض بعض المقهورين السابقين الذين أصبحوا يبالغون فى الزعيق واستعراض القوة الصوتية. فهؤلاء مرضى يحتاجون إلى علاج، وعلينا أن نعترف بأن نظاما متسلطا وفرديا طوال عقود ترك آثاره على كثيرين ممن نراهم الآن يتقافزون على المنصات أو فى الفضائيات أو حتى يستعرضون أسلحتهم البيضاء والنارية فى الطرقات، وبعض ممن كانوا يعملون كخدم للسلطة فى نظام مبارك سارعوا لإخفاء مذلتهم فى شجاعة وهمية، وهم فى حاجة إلى علاج سريع من آثار القهر والذل التى حولتهم إلى بذور للتسلط يمكن أن تنمو وتضر بالثورة والمستقبل.. إنهم فى حاجة إلى حقن ضد التسلط.. ومضادات للديكتاتورية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة