قال الدكتور صلاح فضل، رئيس الجمعية المصرية للنقد الأدبى، إنه لولا الراحل الدكتور سمير سرحان، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، لتمكن نظام معمر القذافى من اعتقاله خلال مشاركته فى معرض الكتاب الليبى الذى أقيم منذ قرابة عشر سنوات.
وأوضح فضل لـ"اليوم السابع" كيفية إفساد القذافى للواقع الثقافى فى ليبيا من خلال حادثتين كان شاهدًا عليهما، "الأولى: تمت منذ قرابة عشر سنوات عندما كان محمد الفيتورى ملحقًا ثقافيًا فى السفارة الليبية بالقاهرة وطلب من مثقفين مصريين منهم المرحوم سمير سرحان وأنا أن نقيم مهرجانا للكتاب فى طرابلس مثلما نقيمه فى مصر وذهبنا بالطريق البرى، ووزعوا علينا كتابات القذافى لكى تكون موضوعًا للمناقشة، فاعتذرت لمدير المعرض عن مشاركتى لأنها كتب سياسية وليست أدبية، إلا أننى فوجئت ساعة الندوة باقتيادى عنوة إلى معرض الكتاب فى طرابلس للمشاركة، فى ندوة حول كتاب "عاشت دولة الحقراء" وانتقمت لنفسى بأن اتبعت فى الحديث عن الكتاب طريقة غريبة، وهى اعتباره شعارات مراهقة من ناحية لكنها ثورية وكتابات تحاول أن تكون أدبية لكنها صادرة من رجل سياسى يملك اتخاذ القرارات، وعن رجل تختلط لديه العبقرية بالجنون الإبداعى وظللت أتحدث بهذه الطريقة حتى أشفق الحاضرون من أننى سأقتاد إلى السجن بعد المحاضرة، ويشهد على ذلك كثير من المثقفين الأحياء اليوم كانوا معنا، وبالفعل، حاولت بعد الندوة الحصول على جواز سفرى للعودة مبكرًا فأخبرونى بأننى ممنوع من السفر ولولا تدخل السفير المصرى بواسطة سمير سرحان ودعوته لنا على العشاء عنده لما أفرجوا عن جواز سفرى وما عدت للقاهرة حينئذ، وأهم ما فى القضية هو أنه كان دائمًا يخلط فى النشاط الثقافى بين تمجيد شخصه من ناحية ويعتبر نفسه الممثل الوحيد لليبيين من ناحية أخرى ولا زلت أذكر من هذه الحادثة أن كثيرين من الأدباء الليبيين الذين قابلتهم حينئذ كانوا يشكون لنا من أنهم لم يقبضوا مرتباتهم منذ شهور، ويعيشون على الدّين والاقتراض من أقربائهم بينما يسرف العقيد فى إهدار أموال شعبه".
ويذكر فضل أنه عندما عقدت ندوة شهرية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب لمناقشة نفس أعمال القذافى رفض تمامًا المشاركة فيها بالرغم من إلحاح سمير سرحان على فى ذلك الوقت، لأن كتبه لا تتضمن أى قيمة أدبية أو فنية حسب رأيه، مشيرًا إلى أنه فى هذه الأثناء اقترح القذافى على اتحاد الكتاب المصرى أن يزوره وكان رئيس الاتحاد حينها فاروق شوشة، فقال: إنه يتعين عليه أن يأتى إلى الاتحاد بمفرده دون أى موكب رئاسى حتى يمكن أن نستقبله، ولم يأت بطبيعة الأمر.
أما عن الواقعة الثانية فيقول عنها صلاح فضل: "كثيرون تحدثوا فيها دون علم بحقيقة الموقف وهى المتصلة بـ"جائزة القذاقى"، وتتلخص فى أن هذه الجائزة كان اسمها "جائزة ليبيا العالمية للآداب"، اقترحها الكاتب الليبى إبراهيم الكونى وأقنع بها وزير الثقافة الليبى آنذاك وطلب منى المشاركة فى تنظيمها، وفى هذه الأثناء عقدنا جلستين إحداهما فى طرابلس والأخرى فى القاهرة لكن وزير الثقافة قدم المشروع وغير اسم الجائزة لتكون اسم جائزة القذافى، فجاء الكونى وقابلنى واتفقنا على أن يقوم بجهد شخصى لتغير اسم الجائزة، وبالفعل قابل القاذافى وطلب منه ذلك، فأجابه قائلاً: "عايزين تغيروها غيروها"، ولما أخطر الكونى وزير الثقافة قال له إن هذا معناه غيروها إن استطعتم أنتم وأنا الوزير لا أستطيع، ولا بد أن تأتى لى بقرار مكتوب منه، ولم يستطع الكونى أن يأتى بهذا القرار وبناء عليه، لم يحضر الكونى وأنا حفل تسليم الجائزة لأن الاسم لم يتغير".
وفى نفس السياق يشير فضل إلى أنه حينما خاطب الكاتب الأسبانى المعروف خوان غويتيسولو لعرض الجائزة عليه، ذكر له أن اسمها جائزة ليبيا للآداب، مؤكدًا على أن الرسائل الإلكترونية المتبادلة بينهما مازال محتفظًا بها، والتى توضح أنه لم يذكر لـ"غويتيسولو" إطلاق اسم القذاقى على الجائزة، وبالرغم من ذلك رفضها، فقال له "إنى أقدر موقفك فى رفض النظم الديكتاتورية العربية وجوائزها وأشاركك فى ذلك"، ويدلل فضل على موقفه هذا أنه بالرغم من أن مشروع الجائزة كان جميلاً وأفسده الوزير المنافق من ناحية وإصرار القذافى على أن يحمل اسمه من ناحية ثانية، لكن الحق يقال أثبت الكونى وأنا موقفنا بعدم حضور تسليم الجائزة الوحيدة التى سلمت".
موضوعات متعلقة:
كتب القذافى مستوحاة من خطبة ترفض الديمقراطية
رئيس "الُكتَّاب الليبيين" يدعو المثقفين لإسقاط نظام القذافى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة