لا أخفى تفاؤلى بالدكتور عمرو حلمى واستبشارى به خيرا حين تولى حقيبة وزارة الصحة، لكنى فى حقيقة الأمر كنت أضع يدى على قلبى بعد أن تولى الوزارة، وذلك لأننا «أخدنا مقلب» فى كثير من الوزراء فى ما يسمى بحكومة الثورة مثل الدكتور يحيى الجمل الذى أساء إلى المنصب وإلى الثورة فى آن واحد، لكن «حلمى» أثبت أن الثورة قادرة على معالجة أخطائها واستكشاف الطريق الصحيح للانحياز إلى المواطن وطمأنته على مستقبله وروحه.
حلمى اتخذ قرارا مهما أدخل إلى قلبى السرور فى أول أيام العيد، ولهذا وجدتنى مضطرا إلى الكتابة عنه وعن قرار آخر مهم اتخذه وزير فى حكومة شرف، فقد كتبت أمس عن الخطوة الحالمة الشجاعة التى اتخذها عماد أبوغازى وزير الثقافة، والخاصة بإعمار سيناء ثقافيا وتنمية مجتمعها المحلى والحفاظ على خصوصيتها الحضارية، واليوم تجدر الإشادة بقرار الدكتور عمرو حلمى وزير الصحة المنشور فى عدد أمس فى «اليوم السابع» الخاص بتحمل الوزارة مصاريف علاج اليوم الأول لمصابى الحوادث وحالات الطوارئ فى المستشفيات الخاصة، وبعدها يتم تخيير المريض بين البقاء فى المستشفى الخاص، أو الانتقال إلى مستشفى آخر عام، إن لم يكن قادرا على تحمل تكاليف العلاج، ولا أبالغ إن قلت إن قلبى امتلأ فرحا بهذا القرار الذى سينقذ آلاف المواطنين من الموت أو على الأقل من مضاعفات كثيرة كانت تنتج من عدم الحصول على الإسعافات الأولية للإصابات.
بهذا القرار العادل الإنسانى الرحيم ينقذنا بلدنا بثوبه الجديد من كابوس أزلى كان يرعب قلوبنا إذا ما سافرنا أو تعرضنا لمكروه فى الطريق، ما أمرّ من أن يتخيل الإنسان نفسه مصابا ونازفا ومتألما وما إن يتنفس الصعداء ويصل إلى المستشفى حتى يجد نفسه مطرودا من رحمتها لأن ليس بجيبه ألفا جنيه كدفعة تحت الحساب، ترى كم من البشر ماتوا من هذه الوقاحة اللاإنسانية البشعة، وكم مصاب تفاقمت حالته جراء هذا الطمع والتكالب على جنى المال دون النظر إلى معاناة المرضى والمصابين.
ولكى لا نكون مسرفين فى التفاؤل يجب أن نعترف بأن هذه الخطوة الإيجابية التى سيكون لها مردود كبير، هى أولا وأخيرا «خطوة» ستتوه فى الطريق، إن لم تعقبها خطوات وخطوات، فحال مستشفيات مصر لا يخفى على أحد، ومستوى الرعاية الصحية المتدنى بالمرضى يتسبب أحيانا فى إضافة أمراض أخرى للمصابين غير التى يعانون منها، ومستوى النظافة فى المستشفيات قد يصيب بالإغماء، واتباع الأساليب العلمية والتكنولوجية الحديثة فى الكشف عن الأمراض وعلاجها هابط لدرجة عصية على الاستيعاب، والمستوى العلمى لكثير من الأطباء قد لا يتوافق مع المكتشفات العلمية الحديثة، بما يعنى أن مهمة تطوير الرعاية الصحية فى مصر كبيرة وشاقة وتحتاج إلى اتخاذ العديد والعديد من القرارات الشجاعة.