كلما كانت الأيام تقترب من الشهر الفضيل، كنت أمنى نفسى بأننى مثل كثير من المصريين سأنعم ربما ببعض السكينة والهدوء النفسى لأن برامج الليل الكلامية المثيرة، التى تحاصرنا ستحصل على إجازة ترتاح فيها وتريحنا من بعض من صراع الديوك المصرى اليومى، وكنت أيضاً أمنى نفسى بأنى سأرتاح من وجوه نجوم البرامج الرمضانية المعتادة، والتى كانت تحاصرنا فى رمضان من عام لعام منذ عدة سنوات، وهم عادة كانوا وزراء المجموعة الاقتصادية الذين يقبع بعضهم الآن فى طرة وآخرون هاربون، وكذلك نجوم الكرة ووجوه معروفة فى الوسط الفنى بردود تصنع عناوين.
خلاصة الأمر أنى كنت أحلم بأن يأتى رمضان هذا العام بأقل عدد من البرامج المتشابهة المعتادة وأقل عدد من المسلسلات، والأهم شهر التقاط أنفاس من وجوه مذيعى الليل وآخره، فقد تصورت أن ثورة يناير لم ولن تسمح لهم بالوقت ولا بالتمويل الكافى من أجل إنتاج مثل هذه البرامج.
ولكن ما إن أذن المؤذن لصلاة مغرب أول أيام الشهر الفضيل إلا واكتشفت أن كل أحلامى وأمنياتى ذهبت أدراج الرياح فقد حاصرتنى البرامج من كل صوب وحدب تؤكد أن لا ثورة ولا ألف قادرة على تغيير منطق استقبالنا لشهر رمضان. بل تم بسرعة تحويل الثورة وأحداثها إلى نمط متكرر من البرامج نجومها هم نفس نجوم الستة أشهر الماضية، الذين سمعناهم ورأيناهم عشرات المرات.
بل أضحت بعض تعبيرات الثورة اسما لبرامج مثل الشعب يريد ومن أنتم وغيرها، تماما مثل ما حدث مع تجار الياميش، الذين أطلقوا أسماء مستوحاة من الثورة على بضاعتهم.. فتساوى أهل الإعلام مع تجار البلح.
كنت أمنى نفسى باستراحة محارب تليفزيونى فى رمضان خاصة أنى على علم بالحالة الاقتصادية لسوق الإعلان فى مصر فى هذه الظروف، ولكن يبدو أن لا شىء قادرا على صد هجوم البلح واليامش فى رمضان أو هجوم برامج الثورة ويجعله عامر.