تلقيت ردا على ما كتبته عن أزمة الكهرباء فى مصر وغياب الإرادة والإدارة العلمية السليمة والفاعلة لمواجهه أزمة انقطاع التيار. ولم أقصد عندما تناولت تلك القضية المزمنة التى تعانى منها جميع أنحاء البلاد دون استثناء أن أتحدث عن مشكلة حى بعينه أو منطقة أو مدينة، وإنما كنت أحاول مناقشة غياب الرؤية والاستراتيجية الواضحة لإدارة ملف الكهرباء فى مصر، خاصة أن الوزير الحالى الدكتور حسن يونس مستمر فى منصبه منذ 10 سنوات كاملة كانت كفيلة بتغيير وتطوير شامل فى منظومة الكهرباء فى مصر والتفكير فى استخدامات أخرى لمصادر الطاقة الجديدة.
الرد الذى تلقيته جاءنى من المهندس أسامة عسران رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء يوضح فيه أسباب انقطاع التيار الكهربائى عن الحى الثالث بمدينة 6 أكتوبر والتى ذكرتها كمثال بسيط على فوضى إدارة أزمة الكهرباء فى مصر. باختصار « تبين أن انقطاع الكهرباء عن الحى جاء نتيجة محاولة بعض اللصوص سرقة الملفات النحاسية لأحد المحولات، وهو رقم 152 المغذى للحى. وقامت الشركة بتركيب ماكينة طوارئ لإعادة التيار لجميع المشتركين بالمنطقة وتم تركيب محول جديد بدلا من المسروق صباح اليوم التالى».
يعنى اللصوص والحرامية هم السبب فى الأزمة المزمنة «زى جدر البطاطا» فى فيلم «الحرام» عن رواية الأديب الراحل يوسف إدريس. تلك هى المشكلة فى طريقة التفكير والتعامل مع أزمة الكهرباء فى مصر.
نحتاج لعقول تفكر وتخطط بعيدا عن حكاية «حرامى الكهرباء»، فالمسألة أكثر تعقيدا من مجرد محاولة سرقة كابل أو «فيشة». ورغم بقاء الوزير كل هذه الفترة فى المنصب، لم يشعر الناس بأى تغيير فى أزمة الكهرباء، والكل يترحم على أيام المهندس ماهر أباظة وزير الكهرباء الأسبق، بل إن عددا من المتخصصين فى الطاقة يقولون إن كهربة مصر مازالت تعيش على ما كان قد نفذه المرحوم أباظة، ولذلك بدأت الأزمة تتكشف فى السنوات الأخيرة مع ظهور بعض المخالفات والفساد فى بعض عمليات تركيب محطات الطاقة الجديدة التى اقترضت مصر من أجلها ملايين الدولارات ولم يتحقق العائد منها، وتلك قصة أخرى من قصص الفساد فى مصر.