دع دهشتك من الموقف العالمى على جنب، وتوقف عن خبط دماغك فى الحيط كلما جاءك خبر أو صورة تثبت قيام بشار الأسد بارتكاب جرائم فى حق الشعب السورى، أبشع مما فعله شارون فى حق الشعب الفلسطينى.. دع كل هذا على جنب.. وابدأ فى مقاومة بشار الأسد بالدعاء، بالمال، بالسلاح، بالضغط على حكومتك وبلدك، وعلاج خلايا الإحساس لدى مسؤوليها، وذلك بالمناسبة أضعف الإيمان.
قصة التجاهل العالمى لجرائم بشار الأسد معقدة، وتحتاج إلى الكثير من الشروح التى لن تفيد الآن فى حقن دماء إخوتنا فى سوريا على يد الجزار العالمى الجديد بشار الأسد، ولذلك لا تسمح لهم بأن يشغلوك بتحليلاتها ودراساتها إلا بعد أن ينتهى الأمر ويسقط بشار من فوق كرسيه على جذور رقبته، كما يسقط كل ديكتاتور مجرم فى النهاية، مهما طالت مقاومته.
ولكن هل يعنى ذلك أن تتجاهل أنصاف الرجال، والمثقفين، والمفكرين فى الأحزاب والحركات السياسية والصحافة المصرية الذين باعوا أنفسهم، وانطلقوا يدافعون عن بشار، أو على الأقل يسعون إلى تبرير أو تخفيف حدة جرائمه، بالحديث عن احتضان المقاومة، وكونه الحجر العثرة الأخيرة فى وجه إسرائيل، وكل هذا الكلام الفارغ الذى يكتبونه ويتحدثون به مقابل أموال طائرة من دمشق إلى جيوبهم غير الحلال، دون أن يخبرونا.. أى مقاومة هذه، وبشار لم يضرب طلقة واحدة، حتى ولو كانت كلامية فى وجه تل أبيب؟، هل يعنى ذلك أن تستسلم لفكرة الانشغال بالشأن المصرى الداخلى المرتبك أصلا، وتكتفى بالدعاء قبل الإفطار والسحور؟، هل تتخيل أن الدعاء وحده يكفى لتبرئة نفسك من المسؤولية عن تلك المجازر الحادثة فى درعا، وحماة، وغيرها من مدن سوريا التى يحرقها بشار الأسد بجبنه وخوفه، قبل أن يفعل ذلك بغبائه ودمويته؟.
أنا آسف إن قلت لك إن إثبات نجاح الثورة المصرية، لم ولن يكون أبدا فى جرجرة مبارك وتصويره تليفزيونيا وهو داخل القفص، إثبات نجاح هذه الثورة يكمن هنا.. فى قدرة الدولة المصرية على مناصرة الحق، وحركات التحرر، والعودة إلى ممارسة دورها فى المنطقة، وفضح كل من تسول له نفسه أنه قادر على قمع الإرادة الشعبية، سواء كان فى سوريا أو حتى السعودية، إثبات نجاح ثورة 25 يناير، يكمن فى قدرة الدولة المصرية على إثبات انحيازها للشعوب والحرية والعدل، والكف عن لعب دور الشيطان بالسكوت عن الحق.
إثبات نجاح الثورة المصرية يكمن هنا.. فى إحساس المواطنين والحركات السياسية بالمسؤولية التى تدفعهم للضغط على النظام المصرى، للتحرك ضد بشار دون توقف، بطرد السفير السورى من القاهرة، وسحب السفير المصرى من دمشق، بقطع العلاقات مع نظامه، وإعلان الشعب السورى متحدثا رسميا باسم وطنه، بدعم أهل الثورة فى سوريا ماديا ومعنويا وإعلاميا، بإعلان بشار مجرما غير مرغوب فيه، فوق أرض القاهرة.
بث روح الشجاعة والحق فى أوصال تلك الدولة، هو الإثبات الحقيقى لنجاح ثورة 25 يناير، وليس لجوء مبارك للعب فى مناخيره، أو عيون علاء وجمال الزائغة خلف قضبان القفص، نجاح الثورة المصرية سيكتمل حينما تثبت أنها قادرة على دفع مصر بمسؤوليها وشعبها وسلطتها إلى الإنحياز للحق، ولإرادة الشعوب لا للأنظمة السياسية، مهما كان ما يربطنا بها من مصالح.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة