يصر أحمد الريان رجل توظيف الأموال على أنه كان على حق، عندما جمع أموال المصريين، وكان يزعم إمكانية توليد الأموال، وبعد خروجه من السجن، تحول أحمد الريان إلى نجم تليفزيونى يتحدث عن نظرياته السياسية، ويؤكد أنه كان على حق، وأنه تعرض لمؤامرة كونية من أجل القضاء عليه. والريان ليس حالة خاصة، لكنه تكرار لحالات كثيرة من إرهابيين سابقين، عادوا ليقدموا أنفسهم على أنهم كانوا مناضلين من أجل الحرية. وهو مايمكن أن نسميه اختلاط الحابل بالنابل. ولا مانع من إعادة فتح التحقيق مع المتهمين السابقين أوالهاربين، وإعادة محاكمة من سبقت محاكمتهم عسكريا، لكن الجرائم التى ارتكبها هؤلاء، لم تكن كلها ضد النظام، ولكن أكثرها كانت ضد مدنيين، وكانت تستند إلى فتاوى إهدار دم وتكفير.
الريان وتوظيف الأموال كانت فكرة تقوم على الخداع، وتصل أحيانا إلى النصب، وكان هناك تواطؤ بين وزراء ومسؤولين وصحفيين، وكانت هناك كشوف بركة. ونجحت توظيف الأموال بالدعاية والإعلان، فى أن توهم المودعين بإمكانية أن يحقق المال ربع قيمته ربحا سنويا، وصدّق المودعون وكان الريان والسعد يمنحان الفوائد من أصول أموال المودعين الجد،د يعنى «يلبسوا طاقية ده لده»، وكانت كل القواعد الاقتصادية والتجارية تشير إلى استحالة هذه النظريات. لكن بعض رجال الفتاوى وكبار الشيوخ وقتها، منحوا بركاتهم للشركات، وكان ظهور الوزراء والشيوخ والصحفيين من رؤساء المؤسسات الصحفية، عاملا إضافية فى خداع المواطنين. كل هذا كان واضحا لكن الآن وفى زحام ادعاء البطولات، لايزال الريان أو غيره، يحدثنا عن نظرياته التى تم إهدارها، ولا يعترف بارتكاب أى أخطاء، بل ولايزال بعض النصابين يوظفون الأموال، وحتى العام الماضى، كان هناك شخص أو أشخاص ينصبون باسم توظيف الأموال، ويستغلون ضعف فوائد البنوك لجذب مدخرات أو تحويلات، لتتكرر المآسى.
وقد ساهم مسلسل الريان الذى عرض فى رمضان فى غسل بعض آثار الماضى، عندما قدم الريان على أنه نصاب ظريف وذكى، لكن الأخطر هو أن بعض رجال ونساء التوك شو فى ظل البحث عن السبق، وتقديم وجبات ساخنة، يقدمون المساجين السابقين على أنهم نجوم، دون أن يرجعوا إلى الحقائق.
لقد كان توظيف الأموال ولايزال نوعا من النصب، ولا علاقة له بالاقتصاد ولا بالإسلام، وقد كانت تلك الشركات فى حد ذاتها مؤامرة، أصابت الاقتصاد، وشارك فيها النظام، ولم يكن كبار رجالات التوظيف ضحايا بل كانوا شركاء. استغلوا الدين والإعلام والإعلان فى جمع أموال الغلابة فى الخارج والداخل. لكننا الآن نراهم يعودون ليقدموا أنفسهم على أنهم كانوا أبطالا. وسط حالة من الزحام يسقط فيها أحيانا الحاجز بين النصب والاقتصاد. ولا يزال الخداع مستمرا.