عدد كبير من المثقفين الآن يطالب بضرورة إعادة تغيير اسم هيئة قصور الثقافة وإعادة الاسم القديم «الثقافة الجماهيرية» للهيئة من جديد، لأنه كان يعبر بصدق عن طبيعة وأنشطة الهيئة فى المجتمع وبين الجماهير فى جميع مدن وقرى مصر.
لكن القضية ليست فى تغيير مسمى ورفع لافتة جديدة، وإنما فى إعادة إحياء الدور الثقافى والتنويرى الحقيقى فى المجتمع الذى كانت تقوم به الثقافة الجماهيرية منذ تأسيسها فى نهاية الخمسينيات والستينيات حتى تراجع دورها وتم إهمالها مع تحولات زمن الانفتاح والخصخصة وتغير نظرة الدولة إلى الثقافة وانحسار النشاط الثقافى فى القاهرة وتركزه على مهرجانات المنظرة والوجاهة.
فى الخمسينيات والستينيات كانت الثقافة الجماهيرية مراكز إشعاع وإبداع وتفريغ للمواهب الأدبية والفنية فى كل المجالات، وشكلت التجربة التى بدأت فى نهاية الخمسينيات ثورة ثقافية تواكب التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التى شهدتها مصر بعد ثورة يوليو. ولذلك كانت الثقافة الجماهيرية هى الذراع الثورية الثقافية لمشروع يوليو. فالثورات تأتى من أجل التغيير الشامل والجذرى فى كل قطاعات المجتمع وفقا لاستراتيجية وتخطيط واضحين.
نجحت الثقافة الجماهيرية فى الخمسينيات والستينيات، لأن الدولة بقيادتها السياسية والثقافية كانت تؤمن بدورها فى خلق وعى اجتماعى جديد يواكب التغيير الجديد فى مصر، وإيمانها بأن الثقافة للشعب ومن الشعب فى كل ربوع الوطن، فأنشأت أكثر من 500 مركز للثقافة الجماهيرية ونوادى الأدب والطفل ومراكز الفنون والقوافل الثقافية، بالاعتماد على كوادر شابة أفرزتها تجربة الثقافة الجماهيرية، عملت وفق استراتيجية واضحة للمساهمة بدور حقيقى فى التنمية الشاملة.
مراكز وقصور الثقافة فى السبعينيات وما بعدها تعرضت لإهمال متعمد وأغلق الكثير منها أبوابه، وسكنها الفساد والمحسوبية، بل وأصبحت الهيئة فرعا من فروع لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل وبابا للترقى للمناصب الأعلى مثلما حدث مع أنس الفقى وغيره.
المسؤولية الملقاة على عاتق رئيس الهيئة الجديد الشاعر سعد عبدالرحمن كبيرة، والأعباء ثقيلة وتتطلب تتضافر جميع الجهود من المؤسسات التعليمية والثقافية للنهوض من جديد بالثقافة الجماهيرية لتكون انعكاسا حقيقيا للتغيير الذى حدث بعد ثورة يناير بتوظيف أدوات العصر الحديث والأخذ بأسباب النجاح وفق استراتيجية واضحة بعيدا عن البيروقراطية والأيدى المرتعشة والاعتماد على أبناء الهيئة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة