الثوار الحقيقيون، الذين يحلمون ويستمرون فى الحلم كونهم قادرين عليه، لا يمرون عليه مرور الكرام لأجل هدفٍ أو غاية، أو لأن هذهِ هى قدراتهم.. فالأحلام أيضاً قدرات !.
الحلم يحتاج إلى مساحةٍ كبيرةٍ من الخيال، والقدرة على الابتكار، الحلم.. هو نفسه إبداع، لا يقدر عليه سوى مخلصٍ له، والثورة.. فى الأصل حُلم، والثائرُ حين يحلم بالعدل والحرية، هو يرتقى فوق الغايات الأقل رقياً منهما، لذا فما من ثائرٍ يدخل معركة تستهدف مصلحةً فردية ويكسبها، لكن للأسف ما أكثر من يتقنون فن انتزاع المكاسب الفردية.. ولو على حساب ثورة.
مر رمضان، ومنحنا الله الفرصة لنفرح بالعيد مرةً جديدةً فى حياتنا، عسى أن يعيدها علينا وعلى بلادنا فى العام القادم ونحن أكثر فرحاً ببلادنا وبأنفسنا. رمضان هذا العام لم يكن كسابقيه، فرياحٌ تحمل نسمات الثورة لا تزال تهب علينا، ولأن شهر رمضان نفسه كان وقفةً مع النفس، فلنجعلها دعوةً للرفق بالثوار الحالمين، الذين يبغون مصراً تليق بنا ونليق بها، لو انكسر هؤلاء، سنخسر جميعنا كثيراً، سنخسر النفوس النقية التى خرجت بصدورٍ مكشوفة تواجه ظلماً مؤكدا، كى نحظى جميعاً بوطنٍ حقيقى، وسنخسر أرواحاً لا تزال تحلق فى سماء الحرية، رغم كل الزيف الذى خرج متخفياً فى رداء الثورة، فلم يثبط همة الحالمين ولم يربك مؤشرهم ولم يدنس إرادتهم، وهؤلاء لا نراهم على شاشات الفضائيات إلا نادراً، ولا على صفحات الجرائد إلا قليلا، والخوف أن نراهم مبتعدين شيئاً فشيئاً، تخفيهم ضبابية الوضع الحالى، ومعارك الساعين إلى مكاسب زائلة، حتى يختفى الثوار الحقيقيون إلى الأبد .
فلنذكر أنفسنا بهم دائماً، ولنبحث عنهم وسط حشود المنتفعين، إلى أن يظهر الحق ويزهق الباطل:
كلُ من يقومُ بواجبه هو ثائر
كلُ من يكتب كلمةً لوجه الله.. ثائر
كلُ من يعزف لحناً جميلاً أيضاً ثائر
كلُ من يصنع دراما يفتخر بها بالطبع ثائر
كلُ من يخلق إعلاماً ينهض بمصر العظيمة هو ثائر
لاتحبطوا هؤلاء، لنمنحهم طاقةً جديدة بإيماننا بهم، ولنترك إحباطاتنا إلى الأبد، لنحلم ولنكن على قدر الحلم والإرادة .
فالثورة.. حلم، والحلم.. ثورة.