هذا الأسبوع سيشهد أول زيارة لرئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان لمصر بعد الثورة، ولا ننسى أن عبدالله جول رئيس تركيا كان أول رئيس لدولة زار مصر بعد الثورة، وهو ما يعنى أن اسطنبول والقاهرة يمثلان قوة استراتيجية يمكن أن تشكل المشهد الإقليمى فى المنطقة.
سيزور أردوغان القاهرة على رأس وفد يضم وزير الخارجية البروفسور أحمد داوود أوغلو، الذى يشير إلى مصطلح العلاقات الصافية بين تركيا والعالم العربى وعلى رأسها القاهرة، وأوغلو هو صانع السياسة الخارجية التركية لحزب العدالة والتنمية، الذى يحكم أسطنبول منذ عام 2002، ويضم الوفد وزير الصناعة والتجارة وعددا كبيرا من رجال الأعمال، وعادة ما يضم وفد المسؤولين الأتراك فى زيارتهم الخارجية وفودا كبيرة لرجال الأعمال الأتراك، فهناك فى تركيا اتحاد ضخم لرجال الأعمال اسمه «التوسياد» واتحاد آخر لرجال الأعمال ذوى التوجهات الإسلامية اسمه «الموسياد»، وهما يمثلان أحد أهم مفاتيح السياسة الخارجية والداخلية فى تركيا خاصة على مستوى التجارة، وعقد الصفقات وبناء العلاقات الاقتصادية بين تركيا والدولة، التى يزورها المسؤولون الأتراك.
ولأن تركيا تستخدم قوتها الناعمة فى حركتها بالمنطقة فإن المسؤولين الأتراك الذين يزورون القاهرة عادة ما يلتقون مثقفين مصريين يتناقشون معهم حول مستقبل السياسة بين البلدين هكذا فعل عبدالله جول وأحمد داوود أوغلو، كما أن السفير التركى فى مصر مهتم بسماع وجهة نظر مثقفين مصريين ورجال أعمال ومهتمين بالشأن التركى عن الوضع فى مصر بعد الثورة وعن مستقبل العلاقات بين أسطنبول والقاهرة.
اللحظة الراهنة فى العلاقات التركية - الإسرائيلية تشير إلى توتر حقيقى بين البلدين تمثل فى تقليص التمثيل الديبلوماسى الإسرائيلى فى أنقرة إلى مستوى سكرتير ثان، كما توقفت العلاقات التجارية بين البلدين على المستوى العسكرى، وذلك بسبب ما اعتبره أردوغان أن العالم يعامل إسرائيل كطفل مدلل، وكان تقرير الأمم المتحدة بشأن مقتل تسعة أتراك على سفينة العون التركى لغزة المحاصرة قد أشار إلى حق الكيان الصهيونى فى الحصار ومن ثم حقها فى استخدام القوة ضد السفينة المدنية مرمرة.
لكن التوتر حول مرمرة يشير إلى معنى استراتيجى ورمزى آخر حول العلاقة بين تركيا وإسرائيل، وهو أمن منطقة شرق البحر المتوسط، فمن الذى يتحكم فى أمن البحر المهم، فى الواقع أن إسرائيل قد رسمت حدودها مع قبرص الجنوبية، وهو ما يعنى حصار قبرص الشمالية التى لا يعترف بها سوى تركيا، كما أن ترسيم الحدود يعطى لقبرص الجنوبية وللكيان الصهيونى الحق فى منح امتيازات ضخمة لشركات البترول الأمريكية المتعطشة بقوة للغاز والبترول والمصادر الطبيعية فى هذه المنطقة المهمة والحساسة.
وهنا أحب الإشارة إلى أنه توجد حدود مشتركة بين مصر وتركيا، هذه الحدود المشتركة هى حدود بحرية، فالبحر المتوسط وشرقه هو ساحة تقاطع مشترك وجوار بين العالم العربى وتركيا وإسرائيل ومن ثم فإن الحدود، التى رسمتها إسرائيل وقدمتها للأمم المتحدة تمثل عدوانا على حقوق لبنان فى البحر المتوسط وحقوق فلسطين وحقوق مصر أيضا، وهنا فإن البارجات البحرية التركية سوف تتحرك فى شرق المتوسط لحماية المنطقة البحرية فى شرق البحر المتوسط بحيث لا يترك الأمر للبارجات الحربية الإسرائيلية وحدها، ومن هنا فإن الباب مفتوح على مصراعيه لاحتمال مواجهات عسكرية بين تركيا وإسرائيل من أجل أمن شرق البحر المتوسط.
زيارة أردوغان لمصر تشير إلى تحالف ممكن وضرورى بين قوتين كبيرتين فى الإقليم من أجل حماية مصالح شعوبهما فى مواجهة كيان متعجرف هو الكيان الصهيونى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة