أكرم القصاص

خيرى شلبى.. الحكّاء

السبت، 10 سبتمبر 2011 09:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل مرة كنت ألتقى العم خيرى شلبى أجد نفسى أمام أحد كبار الحكائين ورواة السير وليس مجرد كاتب موهوب. فقد كانت لديه تجارب فى الزمان والمكان، تجارب تنوء بحملها الجبال.
كان يحكى عن أبطال رواياته وقصصه كأنه يخرجهم من عالمهم ليقدمهم بطريقة مجسمة.

وخلال الفترة فى أوائل التسعينيات كانت الحوارات ممتدة بيننا، وكنت دائما أسأله عما إذا كان التقى ورأى كل شخصيات أعماله، واكتشفت أنه بالفعل يكتب عن شخصيات عاش معها وتوحد مع حياتها للدرجة التى جعلته يتابع مصائرها لحظة بلحظة، لكنه أيضا أعاد ولادة هذه الشخصيات بغرائبيتها أحيانا، ليقدم سيرة تاريخية للشعب المصرى، تختلف عن تاريخ السياسة.

كان خيرى شلبى يغرف من بحر لا ينفد من التجارب والصور، لأنه كان مفتونا بالسير والحكايات الشعبية، ولهذا فيمكن اعتباره الراوى الشعبى الحديث، الذى يدور بحكاياته بين الناس ليقدمها، لكنها كانت سيرا لأبطال من نوع خاص، يكتسبون بطولاتهم من كونهم يواصلون البقاء أحياء فى مواجهة كل عناصر الفناء. وكانت عبقرية خيرى شلبى أنه كان يستطيع إظهار البطولات التى يمارسها الناس العاديون كل لحظة دون أن يتوقف عندها أحد، ولهذا فإن خسارة هؤلاء البشر لا تقل عن خسارة مصر روائيا مثل خيرى شلبى قدم تاريخًا موازيًا ثريًا لعالم مصر الاجتماعى.

لقد اعترف لى العم خيرى شلبى بأن كثيرا من الشخصيات التى كتب عنها مثل أحمد السماك، الذى كتب عنه «أحلام عم أحمد السماك»، هم من أصدقائه المقربين. وأنه كان يتوحد فى مصائر أبطاله للدرجة التى تجعله يتابع حياتهم ومصائرهم بعد انتهائه من كتابة رواياته. كما أنهم كانوا يستمتعون بقراءة أنفسهم ورؤية حياتهم بعد أن تصدر الرواية.

خيرى شلبى كان واحدا من أهم الروائيين الذين قدموا تشريحا للمجتمع المصرى فى الريف وأيضا عالم الفئات المهمشة فى المدن وتشابكات العلاقات المتوازية والمتقاطعة لمن هم فى أسفل السلم الاجتماعى وأعلاه، وبالتالى جمع خيرى شلبى فى رحلته الإبداعية بين تجربة نجيب محفوظ التى كانت تركز على القاهرة حيث ولد محفوظ ومات، وتجربة يوسف إدريس التى ركزت على الريف، والمدينة بشكل أقل.

وكان غزير الإنتاج، أصدر أكثر من 70 كتابا بين روايات وقصص قصيرة، وكان كتابه رحلات الطرشجى الحلوجى إبداعا يجمع الماضى بالحاضر، وكانت رواياته ساخنة تشعر مع كلماتها أنك تعيش الحدث، كانت روايته «وكالة عطية» مثالا لهذا، وهو ابن الريف المصرى، ومن يريد أن يتعرف عليه يمكنه معرفة ذلك بسهولة من أعماله، ويمكن معرفة العالم التحتى للقاهرة والمدن من أعمال مثل «الشطار، وموال البيات، والنوم، وأحلام عم أحمد السماك، وزهرة الخشخاش، وصهاريج اللؤلؤ» وغيرها، رحم الله خير شلبى حكّاء الشعب المصرى بلا منازع.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة