بالأمس 9 سبتمبر مر 59 عاما على عيد الفلاح المصرى، وهو العيد الذى كان له مجال واسع من التقدير أيام كان هناك سلطة سياسية تقدر الفلاح وترى فيه أصلا للحياة الاجتماعية فى مصر، وأذكر وأنا طفلا صغيرا فى نهاية ستينيات القرن الماضى أن والدى رحمه الله كان يصطحبنى فى يديه للذهاب إلى الجمعية الزراعية فى هذا اليوم، لحضور احتفال تسليم الكؤوس والمكافآت المالية لصاحب أعلى إنتاجية فى زراعة القمح والذرة، وبعد هذا الاحتفال بوقت قصير كان يتم احتفال آخر لصاحب أعلى إنتاجية فى زراعة القطن، ومازالت ذاكرتى حتى الآن تحتفظ بأسماء من أبائنا الفلاحين شاهدتهم وهم يتسلمون هذه الكؤوس.
تحتاج أجيالنا الجديدة أن تعرف أن عيد الفلاح تحدد بمناسبة إصدار أول قانون للإصلاح الزراعى أصدره جمال عبدالناصر عام 1952، وكان أهم بنوده تحديد سقف للملكية الزراعية، وتم ذلك فى محاولة لإعادة الحقوق للفلاح، بعد أن عاش حياة السخرة فى ظل حكام سابقين، ولا نقول ذلك من باب سرد الذكريات التى تنحاز لحاكم دون آخر، والتى قد تدفع غاضبين إلى فتح مدافع الهجوم، على عبدالناصر وسياساته، ورغم ذلك فإن ما تكشف من فساد طوال مرحلة مبارك، وفى ذلك الذين حصلوا على آلاف الأفدنة بالفساد والمحسوبية، هل يجوز استعادة الأرض منهم وإعادة توزيعها على المعدمين؟
يأتى سؤالى السابق مزودا بتاريخ وافر من القهر للفلاح المصرى، فبعد أن وجد نموذجا من القيادة السياسية تشعر بأوجاعه، وتبحث عن سبل إعادة الاعتبار له بقانون مثل الإصلاح الزراعى، عاد من جديد إلى مواجعه، حتى لو تغيرت ثيابه إلى الأفضل، وأصبح محاصرا بسياسات تؤدى الى إفقاره، وحين تذكره النظام السابق قبل سقوطه بسنوات قليلة، عقد له الحزب الوطنى المنحل مؤتمرا فارغا، كان لمجرد التذكير بأن هناك ملايين الفلاحين فى مصر.
يأتى العيد هذا العام مع متغير ثورة 25 يناير، وهناك الكثير من الاجتهادات عن المستقبل، لكن ينقصها النظرة العميقة إلى كيفية إزاحة ركام الأتربة عن الفلاح وحياته المسروقة لصالح أباطرة العصر، ولعل البداية فى ذلك تكون بنجاح تجربة نقابة الفلاحين المستقلة، كوعاء حضارى يناسب مستجدات العصر فى الدفاع عن مصالح أعضائها الذين يعدون الأضخم عددا وأهمية فى مصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة