نعم هناك عنف وانفلات وقطع طرقات، لكن من يقف وراءه.. هل تكفى تفسيرات الفلول والمؤامرة والقلة المندسة؟ وهل تكفى الطوارئ وحدها أم أننا نحتاج إلى تعاون تام مع كل من يريدون المستقبل بدلا من الاكتفاء بالتشكيك والاتهامات العامة الخالية من الأدلة؟
هناك عنف واعتداءات على مؤسسات عامة وتخريب وحرق مساء الجمعة وصباح السبت، واعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة فى صلاح سالم بعد مباراة الأهلى وكيما أسوان.
لكن من خلال متابعة ردود الأفعال والتصريحات و«التوكشوهات»، كل التيارات والفئات تنفى علاقتها بهذا العنف الذى لا يمكن أن تكون كائنات فضائية جاءت من كوكب آخر وفعلته وعادت إلى كوكبها، وبالطبع لم تفعلها العفاريت ولا ارتكبتها الأرواح الشريرة، بل فعلها مواطنون مصريون يعيشون بيننا، مثل قطع الطرقات أو السرقة بالإكراه أو عصابات سرقة السيارات، والبلطجة. يفعلون ذلك مع كل الإصرار والترصد.
علينا بالفعل أن نصدق براءة الثورة والتيارات السياسية من الاعتداء على المنشآت العامة ومحاولة اقتحام الداخلية أو مديرية أمن الجيزة ومحاولة حرقها، وقطع الطرقات، والسرقة بالإكراه، وهى جرائم يرتكبها بلطجية وخارجون على القانون لا علاقة لهم بالثورة والديمقراطية والمستقبل، وشباب الثورة والتيارات السياسية رفضوا العنف أو الدعوة إليه، وليس بينهم من يحمل سلاحا، ومع ذلك فمن بينهم من يخضع لمحاكمات عسكرية بتهم التحريض على العنف أو ارتكابه.
وقد نفى الألتراس الأهلاوى والزملكاوى أى علاقة لهم بأحداث العنف الأخيرة يوم الجمعة أو أحداث مباراة الأهلى وكيما أسوان باستاد القاهرة، واتهم الألتراس مندسين لا ينتمون إليهم بارتكاب هذه الأفعال. ومع هذا هناك بين الألتراس متهمون بالتورط فى أحداث الاستاد وصلاح سالم.
من جانبهم المجلس العسكرى والحكومة أكدوا أنهم بصدد تطبيق قانون الطوارئ على من يهينون هيبة الدولة ويمارسون العنف ضد مؤسساتها وممتلكات الشعب.
النتيجة أن الجميع من الثورة والتيارات السياسية والألتراس والمجلس العسكرى والحكومة يعتبرون هذه الأحداث عدوانا على الدولة، وعليهم أن يتوحدوا لمواجهتها إذا كانوا جادين، وأن يسعوا للبحث عمن يقف وراء تلك «المؤامرة» على البلد، وإعادتها كل يوم إلى المربع الأول، لكن نظرية المؤامرة وحدها لا تكفى لتفسير ما يحدث، أو على من يعتمدون هذه النظرية أن يقدموا الدليل على ما يقولون، حتى لا تظل الاتهامات مشهرة وعامة وخالية من الدليل، لأنه ما لم يتم تحديد المخطط والفاعل فى هذه الجرائم فسوف يظل الأمر فى إطار التكهنات والشائعات، وسوف تستمر جرائم الحرق والاقتحام والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، خاصة أن الحوادث تتكرر من البالون للتحرير ومن العباسية لماسبيرو، وقطع الطرق والبلطجة أمر يتكرر ويتسع.
أحداث لا تكفى لتفسيرها نظريات القلة المندسة، وربما لا تكفى الطوارئ لمواجهتها، وتحتاج أولا لتحديد الفاعل والمحرض، وبدلا من اللف والدوران إذا كان الجميع ضد العنف، والتخريب فمن مصلحتهم أن يقاوموه معا ويرفضوه معا.