من لا يرى أن كيان الدولة المصرية الآن تهدده المخاطر من كل جانب فعليه أن يعيد النظر فى هويته المصرية، ومن لا يشك فى أن مسار الثورة يتعرض للتخريب والفوضى فعليه أيضا أن يراجع هويته الوطنية.
بات من الواضح أن قلب مصر مصاب بالعطب والضعف وأطرافها تعانى من التصدع والتآكل فى ظل حالة غياب الوعى والضمير الوطنى بخطورة وحساسية الوضع الراهن والمرحلة الدقيقة التى تمر بها مصر، مظاهر الفوضى والبلطجة التى صاحبت جمعة «تصحيح المسار» أصابت قلب مصر بطعنة الخيانة الوطنية وحاولت تخريب المسار للثورة والجنوح بها إلى مسلك الفوضى والضياع، كان مفهوما التظاهر أمام سفارة العدو والمطالبة بطرد سفيرها وتجميد العلاقات مع إسرائيل، لكن ما ليس مفهوم هو اقتحام مبنى وتدمير منشآت عامة وحرق سيارات ومحاولة الاعتداء على وزارة الداخلية ومديرية أمن الجيزة. هناك حالة من الغموض حول ما يجرى وجموع المصريين قلقون على ما يحدث والحيرة والدهشة تنتاب الجميع حول المستقبل القريب. والكل يتساءل «من يقف وراء الفوضى والبلطجة وإشاعة الفوضى وكأن هناك «سيناريو كابوسى» يدبر له فى الظلام بين أطراف مجهولة وأخرى تدور حولها الشائعات». الشلل والعجز التام فى مواجهة الفوضى والبلطجة يثير الشك والخوف على مستقبل الثورة ومسارها الذى بدا أنه ينحرف بشدة بدلا من دعوات تصحيحه لتحقيق الأهداف المنشودة.
سيناريو الفوضى والبلطجة فى الداخل ليس بعيدا عن المخاطر التى تهدد أطراف مصر وحدودها المفتوحة شرقا وغربا وجنوبا، فالحدود الشرقية فى سيناء تتهددها المخاطر الإسرائيلية وتفجير ملف النوبيين فى هذا التوقيت يفتح ملف الحدود الجنوبية على كل الاحتمالات إذا لم تعالج المشاكل التاريخية للمصريين النوبيين فى الجنوب، والحدود الغربية مع ليبيا لم تستقر حتى الآن.
إذن هى المؤامرة الكبرى على مصر الثورة ومسؤولية مواجهتها تقع على كاهل الجميع، فأركان الدولة وهيبتها تهتز بشدة وتكاد أن تنهار. الحكومة مسؤولة والمجلس العسكرى المنوط به إدارة شؤون البلاد مسؤول بشكل أكبر، وهما المسؤولان أمام الشعب للحفاظ على الثورة والدولة وإعادة الهيبة الكاملة ومواجهة حالة الانهيار الأمنى.
القوى الوطنية والسياسية وقوى الثورة مسؤولة أيضا بالترفع عن الخلافات والانتهازية السياسية والمزايدات الوطنية التى تدفع إلى حالة الانقسام والفوضى، فمصر فى محنة وتحتاج إلى الشرفاء الوطنيين لإنقاذها من المحنة.