إبراهيم عبد المجيد

هل فسدت الجمعة الجميلة؟

الإثنين، 12 سبتمبر 2011 05:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى حوالى العاشرة صباحا اتصلت بى محررة «اليوم السابع» تسألنى عن رأيى فى رحيل الكاتب الكبير خيرى شلبى، لم أكن عرفت بالخبر.. لم أستطع الكلام، قلت لها أن تكلمنى بعد أن أتمالك نفسى، لم أستطع أن أتماسك بعد الخبر، فى مثل هذه الحالات أترك بيتى وأذهب إلى أى مكان، وكنت قد قررت من قبل الذهاب إلى ميدان التحرير، كنت أشعر طوال الأيام السابقة أن هذه الجمعة 9/9 التى صارت لها صفحات جبارة على الفيس بوك وتويتر لابد أن تنجح، كنت أتابع حماس الشباب للنزول إلى الميدان، ورغم بيانات المجلس العسكرى التى كان فيها كثير من التهديد فإننى كنت أشعر أنه فى النهاية لن يمنع المجلس العسكرى النزول إلى الميدان، ولن تمنع وزارة الداخلية ذلك، وفى ليلة الجمعة وقبل أن أنام كانت الداخلية قد سحبت قواتها وكذلك المجلس العسكرى، كتبت على صفحتى على الفيس بوك: أشعر أن غدا سيكون يوما جميلا. ونمت، فى الصباح جاءنى الخبر المؤلم عن رحيل سيد الحكى صاحب أكبر خبرة حياتية بين الكتاب المصريين خيرى شلبى، يا الله.. يا أرحم الراحمين، وأخذت طريقى فى الحادية عشرة والنصف إلى الميدان، فى الواحدة كنت بين الشباب، لم تكن الأعداد كبيرة ذلك الوقت، لكنها راحت تزداد شيئا فشيئا، حتى إذا كانت الساعة الرابعة كان العدد قد تجاوز النصف مليون، تركت نفسى أنسى - ولو مؤقتا - أحزانى لفقد الصديق الجميل خيرى شلبى، رحت أتابع جمال الميدان، جمال الشباب الصغير، البنات والفتيان الذين يهتفون من القلب ضد المحاكمات العسكرية وضد من تخلى عن الثورة وضد من أراد ركوب الثورة، والعدد يزداد، والفتيات اللاتى يشاركن فى الهتاف لا يقل عددهن عن الفتيان، بل إن حماسهن بدا لى دائما أكبر، ورأيت الألتراس فى أحسن حالاته، صحيح أن بعض هتافاته كانت بها شتائم، لكن كانت أغانيهم أكثر وتوضح إلى أى حد تزداد الفجوة بين الحكم وبين الناس كل يوم، وانطلقت المظاهرات إلى دار القضاء العالى تؤيد تطهير القضاء وإلى وزارة الداخلية تدعو إلى تطهيرها أيضا، ولم يحدث أى شىء ينغص علينا اليوم الجميل، ورحت أفكر فى هذه الأعداد التى تجاوزت النصف مليون، كيف جاءت كلها على أقدامها، لم تقلّهم أوتوبيسات من البلاد ولم يعطهم أحد مبالغ مالية، ولم تأت عربات التوحيد والنور وغيرها لهم بالأكل والماء، هناك أمل لايزال أن تستمر الثورة حتى تحقق أهدافها، وكانت الأخبار تأتى طول النهار بمن ذهب إلى السفارة الإسرائيلية وكيف استطاعوا تحطيم السور العازل، كانت هذه الأخبار تأتى وتمر ولم يهلل لها أحد، كان من فى الميدان مشغولين بتأكيد وجود صانعى الثورة الذين سيحمونها، لكنى بدأت أشعر مع المساء أن هذا اليوم الجميل لن يمر مرور الكرام، هناك شىء سيحدث بالليل ينسينا جمال النهار، لم يكن هذا الشىء يمكن أن يحدث فى ميدان التحرير حيث الأعداد تجاوزت النصف مليون.
وفى حوالى التاسعة تركت منطقة وسط البلد وعدت إلى بيتى الذى وصلته لأجد أمامى ما توقعته، حريق فى إحدى عربات الأمن المركزى قرب السفارة الإسرائيلية، لكن أجمع المتحدثون أن من يطفئ الحريق هم الشباب أنفسهم، ونقلت الصور فى كل القنوات العربية مشهدهم وهم يفعلون ذلك، وكان الشباب الذين صعدوا إلى السفارة قد دخلوا شقة متروكة، عرف بعد قليل أنها ليست من السفارة، لكنها شقة بها أرشيف قديم لا معنى له، والذى صرح بذلك هى إسرائيل نفسها، ثم بدأت محاولة إبعاد المتظاهرين بالقوة، وهنا أدركت أن الأمر سيتسع، لقد تأخر الأمر كثيرا بعد أن بلغ الحماس إلى السماء.
بعد قليل عرفت أن عددا من الشباب توجه إلى مديرية أمن الجيزة، ذلك بعد الاعتداء عليهم بالقنابل المسيلة للدموع لصرفهم من أمام السفارة، اشتعلت معركة أخرى، كبر الأمر واتسع إذن.
ظل السجال طول الليل، وهكذ لم يعد هناك حديث عن جمال الجمعة فى ميدان التحرير، وسؤالى البسيط جدا لماذا لم يحاول أحد من الحكومة النقاش مع المتظاهرين حول السفارة الإسرائيلية، لقد تركوا طول النهار يحطمون السور العازل وتركوا يصعدون إلى إلى السفارة، وظهروا يجلسون مع الجنود فوق الدبابات سعداء، فى هذه اللحظات بالذات كان الحماس قد وصل إلى السماء كما قلت، ثم بدأ الهجوم الكبير عليهم.. لماذا لم يناقشهم أحد منذ البداية قبل أن يزداد حماسهم بعد هدم السور، هناك دائما طريق ثالث بين أن تتركهم تماما وأن تهاجمهم بضراوة.
نهاية مؤلمة ليوم كان جميلا.. يجب ألا تنسينا أبدا كيف كان اليوم فى التحرير متحضرا إلى أقصى مدى يؤكد على قوة هذه الثورة، وعلى أنه لن يستطيع أحد سرقتها من صناعها، معذرة حبيبى خيرى شلبى لقد نسيتك قليلا وتركت نفسى أرى مليونية حقيقية ليست مدفوعة الأجر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة