قبل شهور وبعد ثورة 25 يناير جاء إلى مصر مهاتير محمد رائد المعجزة الماليزية، وكان محل حفاوة كبيرة فى الأوساط السياسية من أحزاب وحركات وحكومة، واستمع الجميع إلى مساره ونهجه الذى نقل بلاده من دولة متخلفة إلى دولة تناطح الدول الكبرى فى التقدم الاقتصادى، وبالرغم من أن هناك آراءً موضوعية تحدثت وقتها ومع ترحيبها بالنظر إلى تجربة مهاتير، إلا أنها رأت أنه لا يجب النظر إلى مصر بوصفها بلا تجربة تنموية، وذلك فى إشارة إلى ما حدث فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، المهم أننا استمعنا إلى الرجل واستمتعنا بكلامه وعاد إلى بلاده، لكننا هنا فى مصر لم نشعر بأن هناك فائدة عملية عادت علينا مما قاله.
شىء من هذا أخشى أن يتكرر مع زيارة رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا إلى مصر، فمع الحفاوة الكبيرة للرجل على الصعيدين الرسمى والشعبى، وبرنامج زيارته الحافل، ومواقفه المشرفة والمتشددة ضد إسرائيل، يأتى السؤال: كيف لاتنتهى هذه الزيارة إلى نفس ما آلت إليه زيارة مهاتير محمد؟ أى كيف نخرج من حالة الإعجاب بالتجربة التركية، إلى الاستفادة منها عمليا مع الاحتفاظ بخصوصيتنا التى تحمل ظروفا مختلفة؟
فى التبادل التجارى بين البلدين، يبلغ حجمها 3.1 مليار دولار منها 900 مليون صادرات مصرية، والباقى لصالح تركيا، وهو ما يعنى أننا نحتاج إلى دفعة أكبر حتى يرتفع حجم الصادرات المصرية، مادامت الظروف مهيأة، وإذا كان هذا هو الحال على الصعيد الاقتصادى، فإننا أمام تجربة ديمقراطية مرت بتحولات مؤلمة حتى استقرت الأحوال هناك بما حقق كل هذا الزخم الدولى التركى من خلال قيادة حزب التنمية والعدالة بقيادة أردوغان، وهى الحالة التى يجب النظر إليها مصريا خصوصا من الحالة الحزبية، بمعنى دراسة حالة «التنمية والعدالة» من زاوية، كيف حقق هذا التحول الكبير، بدءا من مرحلة بنائه وتأسيسه إلى وصوله إلى سدة الحكم، ونجاحه المتتالى فى الانتخابات.
فى التجربة التركية الكثير مما يقال، وعلى مرشحى الرئاسة الذين يلتقى بهم أردوغان، ومنهم من سيكون حاكما لمصر بعد شهور قليلة، النظر إليها على أن فيها ما يفيد ليس على صعيد الإعجاب بما يقوله الرجل، وإنما بما يمكن العمل بروحها فى السياسة والاقتصاد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة