أغلبنا فقد مؤخرًا القدرة على الضحك، فقد غاب كثير من أسباب البهجة فى حياة المصريين قبل سنوات ومازال. ولا أظن أنى أكون مبالغة إذا قلت إن أغلب المصريين لم تعد لديهم فرصة للابتسامة إلا من خلال عمل فنى مبهج كوميدى، وأغلبنا يتلمس هذه البهجة من أفلام الأسود والأبيض، حتى لو كنا حفظناها عن ظهر قلب، لأن قليلاً مما يطلقون عليه «كوميدى» الآن قد يبعث على بعض الضحكات، ولكن أغلبه بائس الصنعة والضحكة والنتيجة والمعنى.
ولكنى أتصور أن فيلم «بيبو وبشير» الذى يعرض الآن يندرج تحت قائمة الأفلام القليلة التى قد تبعث على البهجة. الفيلم كتب قصته والسيناريو هشام ماجد، وأخرجته مريم أبوعوف فى أول أفلامها للسينما، وقام ببطولته منة شلبى وآسر ياسين، وشاركهما الوجه الجديد محمد ممدوح وعزت أبوعوف وصفية العمرى وسلوى محمد على، والمخرج محمد خان ممثلاً.
الفيلم يحكى عن شاب وفتاة تجمعهما الظروف للسكن معًا دون أن يدركا ذلك، ويقعان فى الحب، وتتداخل الأحداث ليكتشفا ما أخفاه عنهما صاحب العقار لشهور، وحينها يختلفان، ثم يجمعهما ثانية الحب والعزيمة، والأهم النجاح.
بيبو وبشير فيلم ينقلك إلى عالمه وضحكاته دون أن يصرخ فى أذنك ودون أن يبتذل عقلك، والأهم دون أن يدعى شيئًا غير أنه فيلم سينمائى وظيفته الأولى أن تستمتع طوال مدة عرضه، لأن مهمة السينما الأولى هى متعة المشاهد بلا ادعاء.
مريم أبوعوف فى تجربتها الأولى السينمائية تنبئ عن روح مخرجة ستكون ذات بصمة حتى دون قضية زاعقة، لأن أصعب الأفلام هى تلك التى لا تحمل قضية بعينها وتستطيع رغم ذلك أن تلفت انتباه المشاهد.
وقد أختلف مع كثير من الزملاء الذين سبقونى فى الكتابة عن هذا الفيلم وأشاروا إلى أنه يشبه فيلم «غريب فى بيتى» لسعاد حسنى ونور الشريف، أو أفلام أخرى قائمة على فكرة مشاركة رجل وامرأة فى بيت واحد، أختلف لأن فى الدراما، كما فى الحياة، الحكايات قد تتشابه فى بعض جوانبها، لكن بالتأكيد المعالجة والتفاصيل وشخصيات البشر تجعل كلاّ منَّا مختلفًا حتى لو أننا جميعًا كبشر لدينا عينان ووجه وشفتان ويدان وجسم وقدمان، ولكن لكل منَّا اسم وشخصية وحكاية مختلفة.
بيبو وبشير بهذا المنطق فيلم مختلف بالتأكيد عن «غريب فى بيتى» أو غيره.
منة شلبى تقدم وجهًا مختلفًا فى هذا الفيلم، وجهًا كوميديّا يعتمد على المواقف الباعثة على الضحك، وهى قادرة على مشاركتنا فيها، والأمر نفسه بالنسبة لآسر ياسين الذى فاجأنا فى هذا الفيلم بأداء مختلف عن مسيرته الفنية حتى الآن، وبدا بين الاثنين تناغم جميل. كل من شارك من الممثلين فى هذا الفيلم أجادوا، ولكن المفاجأة كانت فى محمد ممدوح، الوجه الجديد، فى دور صديق آسر، والوجه الجديد للممثل محمد خان المخرج القديم.
بيبو وبشير أزمته أنه عُرض فى موسم الفوضى الفنية والسياسية، فتاهت عنه العيون والضحكات.