تستقبل مصر رئيس الوزراء الإثيوبى مليس زيناوى فى زيارة لا تقل فى ضرورتها وأهميتها الاستراتيجية عن زيارة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، مصر الثورة تستعيد الوهج والبريق القديم فى العلاقات الخارجية مع الدول الكبرى فى المنطقة وتسترجع ذاكرة الوعى بالمصلحة الوطنية والقومية فى إدارة علاقاتها الخارجية مع دول الجوار الإقليمى ذات الثقل السياسى والاقتصادى وذات الأهمية الكبرى لها.
تأتى زيارة زيناوى إلى القاهرة بعد مساعٍ حثيثة للوفد الشعبى الذى ضم رموز التيارات السياسية والوطنية إلى أديس أبابا فى أبريل الماضى والتى كشفت عن مدى الغباء السياسى للنظام السابق ومسؤوليته فى التدهور والتوتر غير المبرر فى العلاقات بين أكبر كيانين فى حوض النيل، وبين دولتين لا يربطهما فقط شريان النيل والمصالح بل علاقات ضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ. ومهدت زيارة الوفد الشعبى لزيارة رسمية للدكتور شرف إلى إثيوبيا فى مايو الماضى لإصلاح ما أفسده ودمره نظام مبارك فى العلاقات بين البلدين والتى بلغت من التوتر حد التلويح بإعلان الحرب بعد قرار إثيوبيا عزمها بناء سد النهضة العظيم لتوليد الطاقة وترشيد الموارد المائية.
طوال تاريخ العلاقة بين مصر وإثيوبيا حرص الجانبان على تمتينها وتقويتها وتطويرها، خاصة من جانب مصر التى تعتمد فى 85 % من المياه التى تصل إليها على الهضبة الإثيوبية، فرغم الخلاف فى التوجهات السياسية والأيديولوجية فى الخمسينيات والستينيات بين الجانبين، إلا أن الرئيس جمال عبدالناصر أولى اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات بينه وبين الإمبراطور هيلاسيلاسى حاكم الحبشة «إثيوبيا» مستغلا فى ذلك كون مسيحيو إثيوبيا من الطائفة الأرثوذكسية، ودعا الإمبراطور هيلاسيلاسى لحضور حفل افتتاح الكاتدرائية المرقسية فى العباسية عام 1964، كما دعم توحيد الكنيستين تحت رعاية البابا كيرلس. كان الرئيس عبدالناصر كعادته بعيد النظر فى ذلك فقد أدرك أن توثيق الروابط بين مصر وإثيوبيا يضمن حماية الأمن القومى المصرى لأن هضبة الحبشة تأتى منها نسبة 85 % من المياه التى تصل مصر، وبعد وفاة الرئيس عبدالناصر تدهورت العلاقات المصرية الإثيوبية فى عهد السادات ومبارك وانفصلت الكنيسة الأرثوذوكسية الإثيوبية عن الكنيسة المصرية، واستطاعت إسرائيل أن تحتل مكانة مصر فى إثيوبيا، وفى أفريقيا كلها.
الآن صفحة جديدة من العلاقات التاريخية تكتب من جديد على أساس تحقيق المصالح المشتركة وتعزيز المكاسب للجميع.. مصر تحصد الثمار الطيبة لثورتها سريعا على المستوى الخارجى رغم بطء التغيير والتحسن فى الداخل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة