وائل السمرى

قرار رئيس الجمهورية

السبت، 17 سبتمبر 2011 08:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى قاموس النكت الكلاسيكية، نكتة شهيرة، يضرب بها المثل فى عاقبة سوء تقدير الأمور وما يترتب عليها من نهايات مفزعة، تقول النكتة إن اثنين من السكرانين أو الأغبياء كانا يسكنان فى ناطحة سحاب فى الدور رقم 100 ولأن الأسانسير كان معطلا قررا أن يصعدا على السلالم، وحينما وصلا إلى الدور رقم 99 التفت أحدهما للآخر قائلا: عندى ليك خبرين واحد حلو والتانى وحش، فقال له زميله: قل الحلو الأول وبعدين الوحش، فرد عليه: الخبر الحلو أننا فى الدور رقم 99 يعنى فاضل لنا دور ونوصل، أما الخبر الوحش فهو أننا طلعنا عمارة غلط.

لا يوجد ما يجسد حالنا الآن أبلغ من هذه النكتة «البايخة» التى تذكرتها حينما قرأت خبر تفعيل قانون الطوارئ، فلم أضحك ولم أبتسم، وشعرت أننا فى الدور 99 لكن فى العمارة الخطأ، ولم يكن قانون الطوارئ «الكريه» هو السبب فى هذا الشعور، فقط جملة قرأتها فى نص القرار جعلتنى أضرب أخماسا فى أسداس، هذه الجملة تقول: أصدر المجلس العسكرى قراراً رقم «193» لسنة 2011، بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010 والخاص بحالة الطوارئ فى مصر، انتهيت من قراءة هذه الجملة فشعرت بهبوط حاد، وتهت فى أسئلة عبثية: قرار رئيس الجمهورية؟ رئيس مين؟ وجمهورية مين؟ وتعديل إيه؟ أفبعد سبعة أشهر من الثورة يأتى المجلس العسكرى ليقول لنا أنه يعدل قرار حسنى مبارك؟ من ذا الذى يعترف بأن مصر كان بها رئيس شرعى له الحق فى إصدار القرارات، ومن ثم لا يجوز تعديلها إلا بعد ذكره؟ وما هى مفردات الشرعية التى كان الرئيس يستند إليها؟ أهى الانتخابات المزورة؟ ألم يمرر الرئيس السابق المخلوع بثورة شعبية هذا القانون الفاشى بعد عرضه على مجلس شعب منافق ومزور؟ ألم يقرر تطبيق هذا القانون ليجعلنا نعاجا فى فم ابنه؟ ألم تقم الثورة أساسا ضده وضد كل قراراته الباطشة؟ فكيف يعترف المجلس بها وينفخ فيها الروح، ليبعثها من مرقدها؟.

ها هو الرئيس السابق خلف الجدران نتيجة ظلمه وفساده وإفساده بينما يهبه المجلس شرعية جديدة بأن يتعامل مع قراراته السابقة كما لو كانت شرعية، ألم يدر مجلسنا الموقر أن القضاء أمر بحل مجلس الشعب واعتباره كأن لم يكن؟ ألم يدر أن الحكم ببطلان هذا الكيان يقتضى بطلان كل قراراته؟ ألا يوجد فى المجلس العسكرى مستشار قانونى يراجع صيغ القرارات الصادرة منه؟ أم أن المجلس العسكرى لا يعترف بحل مجلس الشعب؟ أم أنه يصدق أن شرعية إدارته للبلاد جاءت من مبارك الذى لم يوقع على قرار التنحى، وليس من الشعب الذى هتف: واحد اتنين الجيش المصرى فين؟

يقول فرويد إن ما يدور بالعقل الباطن لا يظهر إلا فى الأحلام وفلتات اللسان، وبما أن المجلس العسكرى يتكلم بالبيانات والقرارات فها هى «فلتة» من قراره كشفت لنا كيف يفكر ويدير شؤون البلاد، ووضعته فى مشكلتين، الأولى هى احتمال أن يكون هذا القرار غير شرعى لأنه متناقض مع حكم القضاء الآمر ببطلان مجلس الشعب، ومن ثم بطلان قراراته، وأتمنى أن يصحح أحد رجال القانون هذه المعلومة إن كانت خاطئة أو يتبناها إن كانت صحيحة، والثانية هى أنه لا يعترف بالشرعية الثورية من الأساس ومازال يتعامل مع مبارك كما لو كان رئيسا، مشكلة كهذه ربما يكون لها آثار مدمرة فى محاكمة مبارك، وربما يجبرنا المجلس على أن نقول «ربنا يستر».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة