يقترب موعد انطلاق مهرجان دمشق السينمائى الدولى، وتزداد الأصوات المتعالية بضرورة مقاطعة المهرجان فى دورته الـ19 التى ستعقد فى الفترة من 20 نوفمبر المقبل، حتى 27 من الشهر نفسه، كنوع من الاحتجاج على ما تشهده الثورة السورية من مذابح دموية، وعنف واضح من قبل النظام السورى. لذلك تحركت بعض النقابات الفنية، ومنها نقابة السينمائيين المصرية، وأصدرت بيانا تدعو فيه لضرورة مقاطعة أعضائها من المخرجين والمنتجين والعاملين فى جميع التخصصات للمهرجان، وأكد بعض النجوم اعتذارهم الرسمى عن المشاركة، ومنهم النجمة سوسن بدر التى كان قد تم اختيارها كعضو لجنة تحكيم بالمهرجان. دمشق تصر على إقامة مهرجانها السنوى، لتؤكد للعالم أن لا شىء يحدث على أرضها، وأن كل الأمور مستقرة، وأن ما تبثه الشاشات العربية تزييف للواقع، وأن هؤلاء المحتجين بمثابة الخارجين على القانون، والذين يعملون ضد دولتهم، ورئيسهم بشار الأسد، ويواصل القائمون على المهرجان الضغوط والاتصالات بالنجوم فى محاولة لإقناعهم بضرورة الحضور والمشاركة، بدعوى أن الأمور هادئة فى دمشق، وأن كل شىء كما كان فى الأعوام الماضية، وهم كمن يطلبون من الحضور غض البصر عما تشهده باقى المحافظات السورية.
ولا أعرف فى حالة إصرار الكثير من النجوم على الرفض، هل سيلجأ القائمون على المهرجان إلى مغازلة النجوم بالأموال؟، وهو احتمال وارد جدا، قد يلجأ إليه النظام المتغطرس، والذى مازال يصر أنه الأقوى والأقدر رغم كل الظروف.
ولكننى أعتقد أن النجوم المصريين والعرب يجب أن يتعلموا الدرس ويقرأوا المشهد جيدا، لأن هناك الكثير من الفنانين المصريين ما يزالون يعانون من آثار بعض التصريحات التى أطلقوها وقت ثورة 25 يناير، فما بالك بثورة سورية تشهد مذابح وحشية، من قِبل نظام لم يتردد من ضرب شعبه جوا وبحرا وأرضا، والسؤال المهم: هل يقبل بعض النجوم بالكثير من الأموال مقابل فقدان نجوميتهم وشعبيتهم مثلا؟
هل يراهن بعضهم على أن ذاكرة العرب قصيرة، وأنهم قد يذهبون إلى دمشق لحضور مهرجانها، أو بالأدق لتأييد نظام الأسد، مهما كانت المغريات التى ستقدم لهم، أعتقد أن الفنانين المصريين والعرب يجب أن يحسبوها ألف مرة ويفكرون كثيرا.
فحالة المد الثورى والانفعال الجماهيرى بكل ما تشهده سوريا لن يغفر لأحد من النجوم مهما كان تاريخه، وهناك أيضا بعض الفنانين الذين سيحاولون إمساك العصا من المنتصف، بمعنى أن هناك من سيدعى أنه مريض، أو سيقوم بإجراء جراحة عاجلة لأحد من أهله، فى محاولة لعدم خسارة القائمين على المهرجان، وجمهوره فى نفس الوقت، ولكن هناك مواقف لا تعرف الميوعة، إما التأييد أو المعارضة، والفنان شخص مؤثر، لذلك فكل فنان يجب أن يحسب مواقفه وتصريحاته بدقة، فالظرف السياسى فى سوريا شديد الحساسية، وإذا كان بعض النجوم المصريين والعرب يستطيعون التملص من الحضور، فموقف النجوم والمخرجين السوريين أصعب بكثير، ومعظمهم فى أزمة حقيقية، ولكن لا أعرف هل سيخضعون ويستسلمون لوحشية النظام أم سيفاجئون العالم بموقف يحسب لهم وليس عليهم.