للذين وجد القلق والخوف مدخلا إلى قلوبهم بسبب الثورة وأحداثها وارتباكاتها، أطلب منهم أن يدوروا برؤوسهم فى كل الاتجاهات للبحث عن الأمل الموجود فى أشياء كثيرة تغيرت واختلفت بعد 25 يناير لم نكن نحلم بها فى أفضل ليالينا سعادة، ضع فوق رأس تلك القائمة رحيل مبارك ومعه مشروع توريث ابنه، وعودة كل صاحب لحية إلى السير فى الشوارع بحرية بعد أن كان يخشى السير فيها خوفا من أن يدفع ضريبة اقتدائه بسنة النبى عليه الصلاة والسلام، وفى نفس القائمة ضع هذا الأمل الذى ملأ قلوب الشباب والأطفال ودفعه لأن يبحث عن طرق المشاركة فى دفع عجلة هذا البلد إلى الأمام.
أعرف أن الكلام السابق إنشائى وعاطفى ومكرر، ولكن اعذرنى ياصديقى، فالحرب على اليأس وضد المتشائمين و«بخاخى» الإحباط فى نفوس الناس أقسى وأصعب وأهم من كل الحروب، ولذلك أدعوك لأن تختار شيئا واحدا من بين الأشياء الكثيرة التى صنعتها الثورة وتحكيها لمن بجوارك سواء كنت تعرفه أم لا، أنا مثلا سأبدأ بالقول إنه لو كانت الثورة هى سبب ذلك التغيير الكبير الذى حدث فى طريقة تعامل سفراء مصر مع المصريين فأهلا بالثورة وكل ارتباكاتها التى سرعان ما ستزول إن عاجلا أو آجلا.
فى كوبنهاجن يمكن أن تلمس هذا التغيير فى طريقة أداء السفير نبيل حبشى الذى بادر بدعوة مجموعة من شباب الأحزاب الجديدة لزيارة الدنمارك لدراسة تجربتها الحزبية والديمقراطية، وهى الرحلة التى سنكتبت عنها كثيرا فى الأيام القادمة لنجيب عن كثير من الأسئلة التى تقلقكم، وعلى رأسها: لماذا يسافر شباب الثورة إلى الخارج؟ وماذا يفعلون حينما يسافرون؟
أعود إلى السفير نبيل الحبشى الذى صدمنى بنشاطه وتواضعه وذكائه فى تفادى الأفخاح التى تصنعها أسئلة شباب الأحزاب الجديدة، حبشى تكلم عن النظام القديم، وكيف كان محترفا فى تكبيل أيدى سفراء مصر فى الخارج، وكان بالذكاء الكافى للدرجة التى دفعته لأن يمتص غضب الشباب من أداء السفارات المصرية فى الخارج وموقفها من الثورة ويعترف سريعا بأنه ومثله عدد من السفراء عاشوا فترة ارتباك وضياع قبل التنحى، وكشف للمرة الأولى أن خطوط اتصال السفارات المصرية مع الخارجية أو مع الدولة المصرية كانت مقطوعة تماما، كان لدى السفير المصرى شغف بالسماع عن أيام التحرير واكتشاف شباب الثورة مثله فى ذلك مثل أبناء الجالية المصرية فى الدنمارك.. سنحكى عنهم بالتفصيل لاحقا.
حبشى رحب باقتراح عبدالرحمن هريدى عضو حزب التيار المصرى بضرورة وضع صور ولوحات للثورة المصرية فى مدخل السفارة تعبيرا عن هوية مصر الجديدة، ودعا إلى تعميم الفكرة فى السفارات المصرية فى الخارج، وتحدث عن منحة دنماركية لمصر بعد الثورة سيتم تحويلها إلى اتفاقية تمنح الأمل لآلاف من مرضى السكر فى مصر، وهى اتفاقية مع شركة «نوفو» العالمية لإنشاء مصنع للأنسولين فى مصر، بالإضافة إلى فتح مجالات أخرى للتعاون بين البلديات المختلفة فى الدنمارك والمحافظات المصرية بشكل مباشر أول ثمارها سنجنيه فى أكتوبر القادم باتفاقية بين بلدية «كولدنج» والغرفة التجارية بمحافظة الإسكندرية.
كل هذه الرغبة الدنماركية فى التعاون مع مصر، وكل هذا التغيير فى أداء السفير، وكل هذا الشغف حول وضع مصر ومستقبلها، لم يخلقه شىء ياصديقى سوى الثورة المصرية، واقتناع الناس هنا فى كوبنهاجن بأن للمستقبل فى مصر الآن طريقا بدأ يعرف الناس كيفية المشى فيه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محيى الدين غريب - الدنمارك
أنت متفائل جدا يا محمد الدسوقى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
الامل والعمل
عدد الردود 0
بواسطة:
جناح النسر
المفروض كنت سميتها التجربة الدنماركية
عدد الردود 0
بواسطة:
emad soobhy fouad
نحن جميعا هنا في الدنمارك