أتى رئيس الوزراء التركى إلى القاهرة متحدثا فى الجامعة العربية وملتقيا بالحاكم السياسى ورئيس مجلس الوزراء لتدعيم علاقة تركيا بالعرب من ناحية وإقامة علاقات قوية مع مصر من ناحية أخرى، قائلا: «إن مصر وتركيا إيد واحدة» بل وأصر على الحديث باللغة العربية لإضفاء المزيد من الدفء على الزيارة وهو أمر لا شىء فيه إطلاقا، وإنما الأمر الداعى للغرابة والاندهاش هو «الزفة» التى استقبله بها المجتمع السياسى والاقتصادى المصرى حتى ذهب الكاتب أمين هويدى إلى وصفه بالزعامة والتى تفتقد إليها المنطقة وهو أمر غير مستغرب من الكاتب نظرا لأيديولوجيته الإسلامية المعروفة.. لكن أن تصل الزفة إلى قدر وصل بالمواطن المصرى العادى لاعتبار أردوغان الأتراك مخلصا للعرب وناهضا بمصر وهو أمر جد خطير، حيث إن اللعبة السياسية لا تنطوى على حسن وسوء النوايا، بل المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة كما أن التاريخ التركى العربى ملىء باستغلال الأتراك للعرب وشهور عسل مع أمريكا وإسرائيل منذ 5 قرون مضت مرورا بعلاقة تعاون كامل مع إسرائيل منذ عام 1950 واستمرارا لهذه العلاقة الصافية حتى عكرها الصلف الإسرئيلى باعتدائه على أسطول الحرية التركى منذ أكثر من عام.. «اقرأ مقالى وقفة آل عثمان على جبل صهيون ورضعة ثورية».
وقد يرى البعض من كبار المحللين أن الشخصيات والأسماء التى كانت رموزا للانحياز التركى لإسرائيل وأمريكا، لم يعد لهم ذكر فى الحياة السياسية التركية..إلا أننى أرى والعديد أعلم منى بأن دولة مؤسسات كتركيا لا تتحول جذريا فى سياستها تجاه الخارج بتغير الأسماء المطروحة على الساحة السياسية حتى وإن حكم حزب إسلامى مثل حزب العدالة، وإلا تغيرت مثلا المواقف الأمريكية تجاه إسرائيل بحسب الحزب الحاكم أو الرئيس المنتخب فى أمريكا من جمهوريين إلى ديمقراطيين أو فى علاقة بريطانيا بأمريكا أو الشرق بحسب تغير الحكومة من محافظين إلى عمال..إلخ. ومن هنا أوضح أننى لست ضد هذا التقارب وإنما أن يبنى على أساس تعاون المتماثلين وليس تقارب الأعلى والأقل منزلة!!
فإذا نظرنا إلى التبادل التجارى بين البلدين نجده مائلا لصالح تركيا 1.2 مليار دولار مع الوضع فى الاعتبار تفوق التكنولوجيا الصناعية التركية على مثيلتها المصرية وعليه تفوق المنتج التركى على نظيره المصرى بقدر يحول مصر إلى مجرد سوق للصناعة التركية!! كما أن المساعى التركية الحثيثة فى المنطقة إضافة إلى عضويتها فى حلف شمال الأطلسى وطموحها المشروع فى انضمامها للاتحاد الأوروبى سيجعلها البلد القائد لا الشريك - بدون أن ألوم الشاطر، أنا أنظر إلى خيبتنا - فى حين الأجدى أن نبدأ فى خلق تعاون تعليمى، تكنولوجى، بحث علمى مع الأتراك أو الإيرانيين ونبدأ على طرف آخر وبالتوازى فى عقد اتفاقيات تجارية واقتصادية مع أفريقيا التى هى بالفعل أرض خصبة وسوق عطشى للمنتج المصرى حتى تستطيع مصر أن تستعيد توازنها الاقتصادى وتأثيرها الأفريقى ومن ثم استعادة دورها داخل محيطها العربى وصيغة التحالف المنشود بينها وبين الترك أو الفرس ودون أن نصبح دائما فى ديل الجلابية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة