لم تظهر طريقة غير الانتخابات، يتنافس فيها الناس لاختيار من يديرون نيابة عن المجموع، وعلى من يريدون التنافس أن يسعوا لتحسين شروط المنافسة وتكافؤ الفرص. وأيضا يقدموا أنفسهم للناس.
نقول هذا بمناسبة ما يدور من جدل حول القوانين التى صدرت لتنظيم الانتخابات، وتقسيم الدوائر، بعض التيارات والقوى السياسية تفرغت للجدل حول المسائل الإجرائية، وتجاهلت الأمور العملية. الجدل حول شكل قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر التى تم الإعلان عنها، ورفضها كثيرون فى جدل استغرق الجهد والوقت، دون أن ينتهى لـ«تفهيم» الناس عيوب وميزات هذه القوانين.
مؤخرا دعا المجلس العسكرى القوى السياسية المختلفة للاجتماع، والاتفاق على نظام الانتخابات المقبلة، ووسيلة إجرائها. وقال وزير الإعلام إن التوجه لإعطاء القوى السياسية حرية اختيار النظام الانتخابى، بعد تحفظ البعض على قوانين المجلس، والخوف من أن تؤدى لفوز الفلول والمال والعصبيات القبلية أوالعائلية.
هل يمكن أن تنتهى اللقاءات بإلغاء ما سبق من قوانين، وإذا حدث.. فلماذا كانت العجلة، وماهو مصير الانتخابات التى يفترض أنها على الأبواب؟. وما الذى يضمن أنه فى حالة القواعد الجديدة، سوف تكون فرصة التيارات والأحزاب الجديدة أكبر فى المقاعد البرلمانية والمحلية؟.
دعونا نتكلم بصراحة، الخوف من نجاح الفلول والمال والعصبيات مشروع فى بعض جوانبه، لكنه يتجاهل أن التركيبة الانتخابية لن تتغير فورا. فقد كانت هناك عائلات تتوارث المقاعد الانتخابية منذ عرفت مصر الانتخابات، بعد ثورة 19، وفى الثلاثينيات والأربعينيات، وبعد ثورة يوليو، لم يكن التصويت لبرامج، بل لأسماء.
كان الوفد فى الأربعينيات يختار مرشحيه من بين العائلات المشهورة برلمانيا، ونفس الأمر مع الأحزاب المنافسة. وبعد يوليو لم تتغير القواعد، فقط ظهرت أسماء عمالية وسياسية، توارثت المقاعد فيما بينها. وفى السنوات الـ15 الأخيرة، توحش المال لدرجة وصول فاسدين ولصوص للبرلمان عن طريق شراء المقاعد البرلمانية. ومن هؤلاء الآن من يستعد بنفسه، أو عن طريق وكلائه لشراء المقاعد البرلمانية. ولايزال المال قادرا على سرقة إرادة الناخبين قبل الوصول للصناديق.
أزمة التيارات والأحزاب الجديدة، أنها تواصل الجدل حول الإجراءات، ولاتنشغل بما بعدها، ولا يخرج عن هذه القاعدة سوى جماعة الإخوان، التى تجمع بين النقاش الإجرائى والعمل الميدانى، وتسعى لاكتساب أنصار جدد من خلال خدمات ومؤتمرات تعرف الناس بوجوه أعضائها، الجماعة تجمع بين النقاش النظرى والسعى العملى، وهى نقاط تشير الى ما قلناه من قبل بالنسبة للياقة السياسية، التى تشبه اللياقة البدنية، التى ينبغى على الرياضيين الحفاظ عليها فى التدريبات، ليكونوا مستعدين لخوض المباريات بكفاءة. ولاننسى أن الانتخابات وسيلة وليست غاية، وأن الفوز فيها يضع الفائز فى اختبار صعب أمام الناخبين وهوالجزء الأهم من المباراة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة