إضراب المعلمين مهما كانت درجة نجاحه أمر يهم البلد كله. ولا يكفى أن تظل الحكومة تقلل من قيمته. وكان يجب أن تستعد له بعقد اجتماع عاجل لمجلس الوزراء ينتهى ببيان واضح عما يمكن تلبيته من المطالب الآن، وما يمكن أن يشمله جدول زمنى واضح. ولا يفترض أن يتعامل المجلس العسكرى أو الحكومة مع القضية كما كان فى السابق، ويتركوها للظروف. لأنها قضية الأمن القومى الأولى التى تتعلق بالمستقبل.
المعلمون المضربون يقولون إنهم ليسوا فى مواجهة مع أولياء الأمور ويطالبون بعودة التكليف لخريجى كليات التربية وإلغاء امتحان الكادر وقصر التدريب والاختبار على الوظائف الإشرافية مثل معلم أول ووكيل وناظر ومدير، وصرف حافز الإثابة 200% أسوة بالعاملين فى الدولة دون المساس بالكادر أو مكافأة الامتحانات، وعلاج الرسوب الوظيفى والترقية للدرجات الأعلى بناء على الأقدمية والخبرة. بعضهم يضيفون إلى مطالبهم تجريم الدروس الخصوصية وإصدار قانون فورى بعد تحسين أحوال المعلم المادية وأن يكون العقاب مشدداً بالفصل من العمل دون مستحقات والغرامة، وإعادة النظر فى المناهج والكتاب المدرسى والاستراتيجية التعليمية بما يناسب التطور فى العالم وحاجات المجتمع. بعض المعلمين يضيفون إلى مطالبهم مطالب بإقالة الوزير ومساعديه وتعيين وزراء التعليم ومديرى المديريات من العاملين فى الحقل التعليمى. وهى مطالب بعضها يمكن التفاوض حوله والبعض الآخر يمكن الوعد به من خلال جدول زمنى، وبعضها لاعلاقة له بالأوضاع الآن.
الحكومة من جهتها تقول إنه تم تلبية حوافز الإثابة والترقيات والرسوب والكادر، وأن دخول المعلمين تحسنت، لكنها لم تلبِ مطالب أولياء الأمور فيما يخص الفصول وكثافتها والمدارس والمناهج. وهى ليست مطالب المعلمين وحدهم بل مطالب عامة.
شاء المعلمون أم أبوا فقد تحول الإضراب إلى مواجهة، ومن المواطنين من يرى الإضراب ضغطا غير مناسب. وعلى المعلمين إدراك أن مشكلاتهم نتاج تراكمات عقود تحتاج إلى سنوات لإصلاحها، ربما لا تكون المرحلة الانتقالية كافية لإنهائها.
ليست قضية الحكومة والمعلمين وحدهم بل قضية الجميع، وربما يكون على مرشحى الرئاسة والأحزاب، أن يقوموا بدور، فى تقريب وجهات النظر، حتى لا يتحول الأمر إلى كارثة.
لا يكفى أن يسارع كل حزب بإعلان تأييده أو معارضته للإضراب. وعليهم اعتبارها قضية عامة واختبارا لمدى قدرة المرشحين على طرح مبادرات. وعلى المعلمين الموازنة بين مطالبهم والمصلحة العامة، والمكاسب التى يمكنهم تحقيقها الآن، وتلك التى تكون ضمن جدول زمنى.
التعليم يخص الجميع، المجتمع والمرشحين والحكومة والمعارضة والأحزاب. المعلمون يرون أنهم إذا لم يحصلوا على حقوقهم الآن فلن يحصلوا عليها، والحكومة ترى أن المعلمين اختاروا الوقت الخاطئ وأن تلبية كل المطالب غير ممكنة الآن. معادلة تنتظر حلاً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة