نتفق أو نختلف مع حق المعلمين فى مطالبهم المشروعة بعدم بعدم احتساب مكافأة الامتحانات - 200 يوم - من إجمالى حوافز المعلمين حتى ترتفع هذه الحوافز وعدم ربط الترقيات بامتحانات الكادر وغيرها.
كل ذلك قد يبدو حقوقا طبيعية وعادلة، ولكن هل يأتى تحقيق تلك المطالب فى الظروف الاقتصادية الصعبة، التى تمر بها مصر بعد الثورة بالإضراب الشامل عن التعليم والإضرار بالعملية التعليمية ومعاقبة 17 مليون تلميذ وأسرهم. وما ذنب هؤلاء التلاميذ؟
الأزمة الحالية ليست فى المواجهة بين الوزير أو الحكومة وبين المعلمين لتحقيق مطالب مالية مؤقتة قد تتوصل الحكومة إلى حل قريب لها، لكنها فى أزمة التعليم برمته فى مصر، والتى يشكل المعلمون ركنا أساسيا فيها، فالمستوى المتدهور فى التعليم المصرى ومخرجاته ليس أزمة مادية للمعلمين فقط، ولكنها أزمة شاملة فى كل أركان العملية التعليمية فى مصر، وتحتاج إلى معالجة أو ثورة شاملة إذا كنا نخطط للمستقبل.
للأسف الشديد إضراب المعلمين مثله مثل باقى إضرابات واحتجاجات باقى الفئويات فى مصر رغم عدالتها ومشروعيتها بعد الثورة، لكنها تأتى فى ظروف غير ملائمة دون إدراك للكارثة الحادثة فى الأوضاع الاقتصادية، وتحتاج إلى الإنتاج والعمل والإحساس بالمسؤولية الوطنية تجاه وطن يتلمس خطواته نحو المستقبل بعد ثورة إنسانية عظيمة.
المعلومون فى المقام الأول عليهم مسؤولية كبرى فى المشاركة فى إنقاذ العملية التعليمية، فإذا كانت لهم مطالب فإن المجتمع يطالبهم أيضاً بأداء واجبهم على أكمل وجه فى التدريس دون اللجوء إلى الدروس الخصوصية، التى أصبحت مثل تجارة المخدرات وشبكات الإرهاب لملايين الأسر فى مصر وتكبدها نحو 15 مليار جنيه سنوياً من ميزانيتها - كما تذكر جهات حكومية متخصصة - وهو ما يأتى على حساب إنفاق الأسر على باقى الخدمات والسلع الأخرى وتأثير ذلك على انخفاض معدل النمو.
فهل يتخلى المعلمون عن جزء من هذه المبالغ - مثلاً - للتخفيف عن أولياء الأمور من جانب والمساهمة فى إصلاح التعليم، الذى يحتاج إلى المليارات خاصة حالة المبانى المدرسية، التى تحتاج وحدها إلى 51 مليار جنيه.
واذا كان من حق المعلمين القيام بالإضراب ومعاقبة 17 مليون تلميذ للحصول على حقوقهم، فهل يحق لأولياء الأمور إعلان المقاطعة للدروس الخصوصية، ولو لشهر أوشهرين ردا على هذا الإضراب.