لا أعرف إن كان الأمر قد جذب القليل من انتباهك أم أن انشغالك بالكعك وسكره و«عجميته» ومكسراته، ومحاولات استعادة فرحة زمان بالعيد جعلت الحدث يمر من أمام عينيك مرور الكرام.
أنا أحدثك عن مشهد درامى -نهار خارجى- توقيته الساعات الأولى من صباح يوم العيد الأول وتحديداً عقب صلاة العيد مباشرة، ومكانه مقر اعتصام أسرة الشيخ عمر عبدالرحمن أمام السفارة الأمريكية، وأبطاله يتقدمهم المرشح المحتمل للرئاسة الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل المشغول بصفته الدعوية أكثر من انشغاله بتقديم نفسه سياسياً عبر برنامج انتخابى منظم وصريح، والبطل الثانى هو الشيخ صفوت حجازى الداعية الإسلامى المعروف والمشغول حاليا باصطحاب شباب المظاهرات واللف بهم على الفضائيات أكثر من انشغاله بالدعوة والوعظ وأمورهما، مثلما فعل مؤخرا مع أحمد الشحات وأشعل فتنة وأفسد فرحتنا بإسقاط العلم الإسرائيلى من فوق السفارة حينما لم يكلف نفسه عناء التأكد من أن الشحات قد فعل ذلك بمفرده أم له شركاء.
كان طبيعياً جدا أن يتواجد الشيخان فى ذلك المكان وفى هذا التوقيت، ليس فقط لأن دعم دعوة الإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن واجب، ولكن لظروف دعائية تخص الشيخ الأول المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة وتخص الشيخ الثانى الذى يريد أن يقدم نفسه سياسيا ووسيطا بين كل الأطراف وبعضها، أما غير الطبيعى فهو تحول صلاة العيد وزيارة دعم أسرة الشيخ عمر عبدالرحمن إلى حفلة «بوس».. أو بمعنى أصح حفلة تقبيل أياد، يمكنك أن تعود إلى صور الزيارة التى نشرت فى الصحف والمواقع المختلفة لتتأكد بنفسك كيف ترك الشيخ حازم يده طائرة فى الهواء ليتلقاها المحبون بالقبلات، وكيف انحنى هو ليقبل يد الشيخ صفوت حجازى، فرد عليه حجازى بقبلة فوق الرأس ليتحول الأمر إلى حفلة بدت وكأنها لتوزيع البركات!!
ستردد الآن وبكل تأكيد النغمة الخاصة بمؤامرة القوى العلمانية والليبرالية التى تترصد المشايخ وتكره الإسلام، وستقول ما الذى يغضب كاتب السطور وغيره من تقبيل الناس ليد الشيخ حازم أبوإسماعيل أو تقبيل الشيخ حازم ليد الشيخ صفوت? ومن المؤكد أن البعض سيتطاول قائلاً: (وانت إيه فهمك انت واللى زيك فى أصول الاحترام). أنا أفهم جيداً روعة تلك العادة العربية المصرية التى تدفع الصغير للانحناء وتقبيل يد كبيره اعترافاً بفضله، وتعبيراً عن درجة عليا من الاحترام، وأفهم جيداً كيف يذوب المصريون عشقاً فى رجال الدين المحترمين لدرجة تقتل أى غضاضة أو استغراب من فكرة تقبيل أيديهم والتبرك بهم، ولكن فى حالة الشيخين يختلف الأمر كثيراً ويتجاوز فكرة التواضع وإنكار الذات، لأن الشيخ حازم أبوإسماعيل يتحرك الآن بصفته السياسية كمرشح لرئاسة الجمهورية، أى لمنصب تنفيذى، وبالتالى ليس وضعاً طبيعياً أن ينحنى المصريون لتقبيل يده، وليس طبيعياً أن ينحنى رجل يعتقد أو يتخيل أنه قد يكون رئيساً لمصر ليقبل يد رجل دين أو أى رجل آخر.. لأن رأس مصر -إن أصبح رأسها- لابد ألا تنحنى لغير الله.
ليس فى الأمر أى تجنٍ على الشيخين، ولكنه لفت نظر للجميع بضرورة عدم تداخل الخطوط مع بعضها، وبضرورة عدم السماح بظهور مثل تلك الصورة التى ينحنى فيها أحمدى نجاد ليقبل يد «خامئنى»، وكلكم تذكرون إلى أى مدى وصل تأففكم من الصور التى نقلت قبلات عائشة عبدالهادى ليد سوزان مبارك وتوفيق عكاشة ليد صفوت الشريف والغلابة فى الشوارع لأيدى المسؤولين.. مع الاحتفاظ -بالطبع- باحترامنا للشيخين، وكل احتقارنا للشيئين عائشة وعكاشة!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة