«نقول تور يقولوا احلبوه».. عجبى لأمر تيار الإسلام السياسى فى بلدنا، الإخوان والسلفيون يتفقون فى شىء واحد.. ركوب الموجة.. التسلق حتى أعلى جدار للوصول للقمة.. والقمة هنا هى السلطة، هى كرسى العرش.. الحكم، تقول هذه السياسة، والسياسة ملعونة فى عرف كبار الأئمة، على لسان الإمام الشافعى وشيخ دعاة القرن العشرين المستنير محمد عبده، لعن الله السياسة وكل فعل من ساس ويسوس.. الدعاة الجدد الكاجوال ودعاة الفضائيات والإخوان شطار فى صك الفكرة ونقيضها واللفظة وتضادها.. والشاعر يقول «وبضدها تتميز الأشياء».. أكبر دليل على ما أقول أن الإخوان هللوا وكبروا وحمدوا لمجىء أردوغان واستقبلوه استقبال الفاتحين عبر وفود من شبابهم وشيوخهم ورفعوا الشعارات وكتبوا اليفط «أردوغان يا أردوغان ألف تحية م الإخوان»، « أردوغان يا صلاح الدين يا حامى حمى الدين»، وذهبوا لمطار القاهرة وكانوا هم الأكثر عددا وعدة وظهورا فى الفضائيات.. واتضح من زيارات واجتماعات أردوغان أنه كان حريصا على اللقاء بقيادات الإخوان ومرشدهم، بل قام بزيارة سيف الإسلام حسن البنا فى بيته بالدقى هو وزوجته، وكانت تصريحات الإخوان كلها تؤكد نوعا من التنسيق واتفاق الرؤى بين الطرفين، أردوغان والإخوان، حتى أنه هزر مع المرشد ومجلس شورى الجماعة ورئيس الحزب الإخوانى قائلا: أنتم أخذتم اسم حزبنا العدالة والتنمية، ولنا حقوق ملكية فكرية، أرجو أن تدفعوا قيمتها للصومال.. وقال المرشد الدكتور بديع إن الحوار كان رائعا، وإنه يتمنى أن يطبق النموذج التركى فى مصر.. راجعوا تصريحات الطرفين فى اليومين الأول والثانى لوجود أردوغان فى مصر.
فماذا حدث بعد ذلك؟ حدث أن أردوغان ظهر فى برنامج العاشرة مساءً، وسألته المذيعة عن مفهوم العلمانية، وهل تتناقض مع الإسلام فقال الإجابة التى ألقت حجرا فى مستنقعات الرؤوس المظلمة، قال بالنص: «تركيا دولة حقوق وعلمانية وديمقراطية، والعلمانية يختلف معناها من أمريكا إلى أوروبا عن الدول الإسلامية، العلمانية تحترم كل الأديان، ولا تعنى اللادينية، العلمانية ليست معادلات رياضية، وتختلف من مكان لآخر، ولا تنفى الدين، وتركيا تطبق مبدأ العلمانية وتقف على قدم المساواة من كل الأديان، أما الشعب فليس علمانيا ويعيش كل فرد دينه الذى يعتقد فيه».. وانتشر هذا الرأى على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك، وتويتر»، وقامت الدنيا على أردوغان، الكتاتنى قال نحن غير ملزمين بما قاله، وغزلان فسر أنهم لم يتوقعوا كلامه، وهو مرفوض لأن مصر غير تركيا، بينما قال رموز السلفيين نحن فى الأساس لم نرحب به ولم نستقبله، وهكذا باع الجميع فى تيار الإسلام السياسى من إخوان وسلفيين أردوغان بسهولة احتساء كوب عرقسوس.. لماذا؟ وكيف؟ ولأى سبب؟
فى ظنى لأن ما قاله أردوغان كان بمثابة طوبة فى جسم صفيح فارغ فأحدثت دويا، الإخوان والسلفيون يسوقون دولة الشريعة لملايين المصريين البسطاء، ويقذفون كل من يقول لهم دولة مدنية علمانية ليبرالية بقوانين نابعة من الشريعة الإسلامية أو مرجعيتها، ينعتونه بالكفر والزندقة، إن تركيا التى حكمت العالم الإسلامى حوالى خمسمائة عام وخلفت له الجهل والفقر وسلمته للاستعمار تنجو بنفسها اليوم بالأخذ بالديمقراطية وأساليب الحياة العصرية والعلم والعقل الذى لا يتناقض مع الدين.. فهل نعى الدرس؟
وأخيرا لكل من هلل لأردوغان بلا فهم ثم رماه بالطوب لأنه قال رأيا لم يفهمه، أين أنت من حمرة الخجل؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة