الخريطة تتغير بسرعة وبشكل مختلف عن أغلب التوقعات التى ظهرت خلال الفترة الماضية، والتغيرات الجديدة تسحب من رصيد المجلس العسكرى وقوته وتدفع القوى السياسية المختلفة نحو أرض مشتركة بحثا عن طرق للتوافق ونبذ الخلافات.
الكلام فى شهور الثورة الأولى كان عن خريطة يبدو فيها التقارب والتضامن والتعاون بين المجلس العسكرى والقوى الإسلامية واضحا ومعبرا عن صفقة ما، مازالت روائحها تطير فى هواء الحياة السياسية المصرية، صفقة أسوأ ما فيها هو إعادة إنتاج لعبة السادات الخاصة باستخدام الإسلاميين لضرب القوى الليبرالية واليسارية وفى حالة المجلس العسكرى ضرب القوى الثورية الجديدة.
ما يحدث الآن على الساحة السياسية يؤكد تغير خريطة العلاقات والتحالفات التى سيطرت على المشهد السياسى، وزرعت الإحباط فى نفوس القوى الثورية الجديدة التى وجدت نفسها وهى فى مرحلة «الحبو» مطالبة بمواجهة تحالف الإسلاميين بما يملكونه من قدرة على الحشد الجماهيرى والمجلس العسكرى بما فى يده من قوة سلاح وقوة زمام إدارة شؤون البلاد.
الـ48 ساعة الماضية تؤكد أن الوضع بين المجلس العسكرى والقوى الإسلامية لم يعد على حاله، وأن ثمة شقاق أو خلاف أو فراق قد يرقى لحالة الانقلاب إذا استمر المجلس فى عناده قد يحدث بين الطرفين ويمكن استنتاجه من سيل التصريحات والمواقف الهامة التى اتخذتها القوى الإسلامية ضد المجلس العسكرى فى الساعات الأخيرة الماضية، فأن يخرج أسامة حافظ المتحدث الرسمى باسم الجماعة الإسلامية ويقول للصحف إن أداء المجلس العسكرى يحيط به الغموض، ثم يسبقه القيادى الإخوانى سعد الكتاتنى بتصريح باسم حزب العدالة والحرية قائلا: «إن مصر تتعرض للخطر بسبب استمرار المجلس فى السلطة»، ثم تكتشف أن الدعوة السلفية وحزب النور وعددا آخر من الحركات الإسلامية شاركت فى إصدار بيان مع 32 حركة سياسية أخرى يهددون فيه المجلس العسكرى بالتصعيد والعودة إلى الشارع بسبب إصراره على النظام المختلط فى الانتخابات وعدم اتخاذه خطوات فعلية نحو تسليم السلطة.. أن يحدث كل هذا وأن تخرج كل هذه التهديدات للمجلس العسكرى من بيت الحركات الإسلامية فإن تغيرا خطيرا وهاما فى خريطة التحالفات والعلاقات قد حدث، تغير لابد أن تستوعبه القوى السياسية المختلفة وتستغله فى إعادة قنوات الحوار المقطوعة مع القوى الإسلامية لخلق جبهة موحدة ضد كل من يحاول إجهاض الثورة ومكتسباتها، وفرصة أيضا لتوحيد الصف المنشق بتحالفات مختلفة لا يصب اختلافها سوى فى خدمة فلول الحزب الوطنى داخل المحافظات عبر مضاعفة فرصهم فى الانتخابات، وحتى نكون للإنصاف والعدل أهلا لابد أن نعترف أن التصريحات الصادرة عن القوى الإسلامية المختلفة ضد المجلس العسكرى ومواقفه الأخيرة تبرئ الحركات الإسلامية ولو مؤقتا من الاتهامات التى طالتها بخصوص وجود صفقة مع المجلس العسكرى.
المجلس العسكرى هو الآخر مطالب باستيعاب هذه التغييرات الجديدة، وأن يعيد حساباته ليتأكد أن الألاعيب القديمة استنفدها النظام القديم، ويتأكد أكثر أن روح الثورة يمكنها أن تتدخل فى أى وقت برعاية إلهية لضرب أى تحالف يهدد التمهيد لمستقبل هذا الوطن الديمقراطى، لأن رب السماء الذى رعى أهل الدعوة للحرية فى التحرير من بطش مبارك قادر على رعايتهم من حيل بقايا نظام مبارك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة