مر أكثر من أسبوعين، ومازال فادى مصطفى معتقلا، وفادى الذى أتحدث عنه، هو طالب بالفرقة الثالثة بالمعهد العالى للسينما، قسم تصوير. وللتذكرة فقط فقد تم إلقاء القبض عليه، عقب أحداث السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة. مفارقة درامية هى التى دفعت فادى للتواجد فى مكان الأحداث وقتها، فادى كان عائدا من «أوردر» تصوير بساقية الصاوى، وفى طريقه لتسليم معدات التصوير والشرائط التى كانت بحوزته إلى مقر الوكالة التى يعمل بها، وتقع فى الجيزة. ورغم أنه كان يحمل كل الأوراق التى تثبت أنه عضو نقابة السينمائيين- انتساب، وأنه يعمل وأن التصوير مهنته، فإن فادى تم اقتياده إلى النيابة العسكرية متهما بالبلطجة وإحداث الشغب، وحيازة متفجرات، وغيرها من الاتهامات التى وجد فادى نفسه محاصرا بها، وبعد فترة تم تحويله إلى «نيابة أمن الدولة العليا»، وتحول فادى من طالب يدرس التصوير، ويعمل فى الوقت نفسه، إلى معتقل سياسى متهم فى قضية كبرى، قد يحصل فيها على حكم يصل إلى عشرات السنين. وفى ظنى أن فادى قد يكون استسلم لفضوله الفنى، فى مشوار عودته إلى مقر الوكالة، ومع اندلاع الأحداث أمامه حمل كاميرته وبدأ يلتقط اللقطات لما يجرى، وهذا تصرف طبيعى،خصوصا أنه كان يحمل التصاريح الأمنية التى تتيح له مزاولة مهنة التصوير. فادى كان يحمل كاميرا وليس آليا أو قنابل مولوتوف، فادى طالب مشهود له من كل زملائه بحسن السير والسلوك، ولا يملك ميولا تخريبية، بل هو مواطن مصرى، كان يمارس مهنته، فادى فنان وليس بلطجيا، كلمات قالتها والدة فادى، والدموع تملأ عينيها، والحزن يعتصر قلبها على ابنها الذى تم اعتقاله مؤخرا، وما ذنب والدته التى وجدت نفسها بين يوم وليلة، تبحث عن ابنها وتلهث وراءه من نيابة إلى أخرى، أو تجرى لاستخراج تصاريح لزيارته والاطمئنان عليه، من وقت إلى آخر، بعد أن تحولت حياتها من أم لطالب فى معهد السينما يدرس ويعمل ليعتمد على نفسه، إلى أم لشاب متهم بالبلطجة، وإثارة الفتن، رغم أنه بعيد كل البعد عن ممارسة السياسة. العديد من البيانات صدرت والمناشدات التى تدعم فادى وتوضح موقفه، منها مناشدات إلى المشير بصفته، ومحاولات مستمرة لم تتوقف من نقابة السينمائيين، والمعهد العالى للسينما، كلهم يحاولون العمل على تأكيد براءة فادى، وأنه ليس بلطجيا، وللأسف لم يتحرك رئيس أكاديمية الفنون الدكتور سامح مهران، وكأن الأمر لا يعنيه، وأيضا وزير الثقافة الدكتور عماد أبوغازى، فكلاهما لم يحرك ساكنا، ولا أعرف ممَ يخافون؟.. فادى كان يحمل كاميرا، ولم يكن يحمل بندقية، وكل ما أتمناه أن تتم مراجعة قضية فادى، والالتفات إلى الأوراق التى كان يحملها، وتذكروا أن مرارة ما حدث لفادى قد تحوله إلى شخص آخر، أو على الأقل إلى شخص يفكر ألف مرة فى الرحيل عن بلده، وراجعوا كلاسيكيات الأفلام عن نماذج مثل فادى قادتهم الصدفة إلى التواجد فى المكان الخطأ فى اللحظة الخطأ، وبالتأكيد فادى معه العديد الذين تشبه حكاياتهم ما حدث له.