ستجد فى السطور القادمة بعضا من الكلام المكرر، والتكرار هنا- لا سمح الله- لا علاقة له بالحكمة الشهيرة «التكرار بيعلم الشطار»، ولكنه مرتبط بأن جهة إدارة شؤون الدولة المصرية الآن ترتكب نفس الأخطاء وتكرر نفس الكوارث، فوجب علينا أن نعيد عليها نفس النقد ونفس النصائح، لعل الحكمة تكون صادقة فعلاً، ونكتشف جميعاً أن التكرار بيعلم فعلاً الشطار والسادة فى المجلس العسكرى.
على مدار الأسابيع الطويلة الماضية، ومرورا بأزمات الانفلات الأمنى، ومشاريع القوانين المنظمة للانتخابات، وإعادة تفعيل الطوارئ، واقتحام مقر الجزيرة، وتحويل المدنيين إلى محاكمات عسكرية، وتصدير ودن من طين وأخرى من عجين لمطالب القوى السياسية، يبدو الأمر وكأن المجلس العسكرى ارتضى أن يحل بديلاً لمبارك فى بطولة هذا المسلسل الطويل دون أن يغير تفاصيل السيناريو أو طريقة تفكير البطل.
ارتضاها الجنرالات هكذا تركة ثقيلة يديرونها بنفس الطريقة القديمة غافلين عن أن المواطنين الذين عاشوا فى ظل سيناريو مبارك خانعين خاضعين تغيروا، وكتبت لهم ثورة 25 يناير فصلاً جديداً فى السيناريو ولم تبقهم على حالهم سائرين جنب الحيط أسفل شعارهم المحبب و«أنا مالى».
نفس الخلطة الدرامية التى كان يستخدمها مبارك ورجاله يستخدمها السادة فى المجلس الجنرالى، هى نفسها الحلقات الأولى التى تبدأ بالوعود الوردية والمغازلة الصريحة للشعب، والتأكيدات اللطيفة على أن الوجود فى السلطة مؤقت، والبقاء والحكم للدستور والقانون، ثم تتطور الحلقات وتبدأ مشاهد المعايرة.. عايرنا مبارك بالضربة الجوية والكبارى الطويلة، ويعايرنا المجلس العسكرى بالحفاظ على الثورة ورفض إطلاق النار على المتظاهرين وكأن الأخلاق والقوانين وتاريخ المؤسسة العسكرية المشرف يقول بفعل شىء غير ذلك، وبعد المعايرة تبدأ مشاهد التخويف وبث القلق فى نفوس الناس، وفى هذا الأمر اتفق السادة فى المجلس وحكومة شرف على استخدام نفس أساليب نظام مبارك.. التخويف بالإخوان والسلفيين والأمن والأمان والأصابع الخارجية التى تلعب فى جسد مصر، وحينما ينتصف المسلسل ولا يرتدع الشعب كان نظام مبارك يلجأ إلى مرحلة «الطناش» ويصنع له ولحكومته ودنا من طين وأخرى من عجين، أنت طبعاً لست فى حاجة لكى أخبرك بأن السادة فى المجلس وفى حكومة شرف قد استهلكوا الكثير من العجين والطين، فى مواجهة مطالب القوى السياسية الخاصة بتعديل قوانين الانتخابات وقوانين مجلسى الشعب والشورى وفى مواجهة مطالب المعلمين وعمال النقل والموظفين.
ياسادة فى المجلس: مصر تغيرت وشعبها تبدل، وبيانات «الفيس بوك» ليست كروت شحن إذا خربشها الشباب على الإنترنت زاد رصيدكم، افتحوا الخط بينكم وبين الناس والقوى السياسية واجعلوه فاتورة وليس كارتا، ولا تفعلوا مثلما فعل مبارك من قبلكم يجلس هو وحزبه فى مؤتمرات ودعوات للحوار مع القوى السياسية بينما رجاله يقومون بتفصيل القوانين دون أن يضعوا فى الاعتبار اقتراحات القوى السياسية ومخاوفها، مثلما لا يضع المجلس العسكرى فى اعتباره ما الذى يمكن أن يفعله قانون الانتخابات الجديد ومسألة الثلث والثلثين والدوائر الواسعة فى مصر أيام الانتخابات، وفى شكل وتكوين وهيئة البرلمان الذى من المفترض أن يقود الوطن للعبور من نفق الديكتاتورية إلى نور الديمقراطية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة