دعا رئيس زيمبابوى (الفاسد المنبوذ من العالم كله) روبرت موجابى، المجلس الوطنى الانتقالى الليبى ورئيسه إلى التفاوض مع العقيد (الساقط والمطارد) معمر القذافى، كشرط مسبق للاعتراف بالمجلس الوطنى الانتقالى، وهدد "موجابى" بأنه هو ورؤساء وملوك أفارقة لن يعترفوا بالمجلس الوطنى الذى يترأسه "مصطفى عبد الجليل"، إلا بعد إجراء حوار مع (القذافى ملك ملوك أفريقيا) وقال موجابى للصحفيين: "بالنسبة لنا، الموقف الأفريقى هو أن المجلس الوطنى الانتقالى يستطيع فقط الحصول على مقعد فى مجلس الاتحاد الأفريقى إذا اعترفت قمة الاتحاد الأفريقى بأنه واقعى يتولى السيطرة".
بالتأكيد فإن القذافى (الساقط والمطارد) قد استخدم ثروات الشعب الليبى فى تدخلاته الأفريقية، سواء كانت تدخلات علنية أم خفية، فيما كان نظامه (الذى سقط تحت أقدام الشعب الليبى) يرتبط بأكثر الأنظمة القمعية فى العالم والحركات المسلحة بأفريقيا منذ بداية الثمانينيات، حيث كان هو الأب الروحى لأمراء الحرب الأفارقة، ففى "المركز الثورى العالمى" الخاص بالقذافى قامت مجموعة مختارة من طلاب السلطة والثروة حتى نجحت فى تشكيل شبكة قوية مازالت ذات ثقل كبير حتى اليوم من خلال استمرارها فى السلطة، مثل رئيس بوركينا فاسو "بليز كومباورى"، ورئيس تشاد "إدريس ديبى"، وقادة الحركة الشعبية بجنوب السودان، ومازال ماثلا فى تاريخ العالم دور القذافى (الساقط والمطارد) مع الرئيس الحالى لبوركينا فاسو "كومباورى" الذى اغتالت قواته صديقه الرئيس "توماس سانكارا" عام 1987م لتمهيد الطريق أمامه للاستيلاء على السلطة، وكذلك فى جنوب السودان بدعمه غير المحدود لحملة السلاح فى إقليم دارفور.
فيما كان القذافى يعتبر أن تشاد هى مجاله الحيوى الذى يجب أن يوليه اهتمامه الأساسى لضمان الحصول على موارد بديلة لموارد البترول، فدخل بالتالى مع جارته فى نزاع حول السيطرة على شريط أوزو الواقع بين الدولتين، ثم ساهم فى تولى "جوكونى وداى" المعارض فى حربه ضد "حسين حبرى"، لكن ما لبث أن انقلب على "وداى" فحاول قتله بمحاولة فاشلة داخل الأراضى الليبية، وانضم "جوكونى" إثر ذلك إلى قوات "حبرى" الذى دخل فى حرب مباشرة مع نظام القذافى لتحرير شمال تشاد من القوات الليبية ونجح فيه بالفعل بعد هزيمة نكراء منيت بها قوات القذافى.
وكما قال عماد عبد الهادى عن طوارق مالى والنيجر فى حربهم وتمردهم على نظام الحكم القائم فى باماكو (عاصمة مالى)، لجأ الطوارق إلى الاستعانة المباشرة وغير المباشرة بالقذافى الذى ظل يوالى دعمهم باعتقاد أنهم ينفذون أجندته التوسعية بالمنطقة، ورغم التقلب بين تأييده حينا ومعارضته حينا آخر لسياسات مالى، فإن القذافى ظل يبشر الطوارق بإمكانية حصولهم على الجنسية الليبية، تنفيذا لوعده بضرورة أن تصبح أفريقيا مملكة واحدة أو اتحادا واحدا، أما عن استثمارات القذافى فى أفريقيا فكانت تشمل (زيمبابوى/ موجابى) و(تونس / بن على) و(مصر/ المخلوع) ودول أخرى مثل موريتانيا والسنغال وغينيا وساحل العاج وبوركينا فاسو وغانا والجابون والكونغو وأفريقيا الوسطى وتشاد والنيجر والسودان وإريتريا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ومدغشقر وزامبيا وجنوب أفريقيا وغامبيا وتوجو وبنين وساوتومى وبرنسيب وغينيا الاستوائية وليبيريا وسيراليون وغينيا بيساو ورواندا وبوروندى وسيشل وجزر القمر، وتشير الإحصاءات (والعهدة على فضائية الجزيرة) إلى أن ليبيا تمتلك 1250 محطة لتوزيع الوقود فى مختلف الدول الأفريقية بحجم مبيعات يبلغ نحو أربعة آلاف مليون لتر سنويا، وطاقة تخزينية تقدر بنحو 450 مليون لتر، وتوفر نحو 2800 فرصة عمل بمختلف الدول الأفريقية، لكن بالتأكيد كانت تربطه علاقات وثيقة بكل من (الذليل المخلوع من رئاسة مصر)، وذلك الفاسد القاتل فى زيمبابوى، فلم يحاول رئيس أفريقى إنقاذ الذليل المخلوع قبل سقوطه إلا القذافى فى ليبيا، ولم يحاول رئيس أفريقى إنقاذ القذافى إلا موجابى (الفاسد المنبوذ من العالم كله) فى زيمبابوى، ويرتبط هؤلاء الثلاثة برباط وثيق من التشابه فى الصفات والسلوك وطول مدة سنوات حكمهم التى وصلت إلى أكثر من أربعة عقود بالنسبة للقذافى وأقل منها قليلاً للذليل المخلوع.
أما "موجابى" فقد وصل إلى رئاسة الجمهورية فى زيمبابوى عام 1981، وأعيد انتخابه عام1987 ثم عام 1990، ثم أعيد انتخابه للمرة الرابعة عام 1996 وللمرة الخامسة عام 2004، وهى طبعا انتخابات لا تقل فسادا عن انتخابات الحزب الوطنى المنحل فى مصر أو اللجان الشعبية الساقطة فى ليبيا، ولا يرتبط الثلاثة بمجرد التشابه فقط فى الفساد بل كانت تربطهم ماديا وواقعيا رابطة أقوى من فسادهم هى رابطة تجارة السلاح، فقد كشفت وثيقة لموقع ويكيليكس بتاريخ 7 أغسطس 2008، أن السفيرة الأمريكية "مارجريت سكوبى" وصفت كلاً من حسنى مبارك (الذليل المخلوع) ومعمر القذافى (الساقط المطارد) ورئيس زيمبابوى روبرت موجابى (الفاسد المنبوذ) بأنهم أكبر ثلاثى يتاجر فى الأسلحة بالقارة الأفريقية خلال الثلاثين عاما الماضية، واعتبرت السفيرة فى وثيقة سرية حملت رقم 8/القاهرة 1716 وأفرج عنها فى 30 أغسطس الماضى، أن الثلاثى مبارك - القذافى - موجابى عقدوا صفقات سلاح سرية قلبت أفريقيا رأسا على عقب، وأدخلت عدة دول فى حروب ونزاعات عرفية وإقليمية، وأن الرئيس المصرى كان بمثابة "زعيم الديكتاتوريين فى القارة الأفريقية"، وتناولت الوثيقة (العهدة على جريدة روز اليوسف) محاولة الإدارة الأمريكية معرفة سر مساندة مبارك للديكتاتور الزيمبابوى "روبرت جابريل كابجامومبى موجابى"، الذى يتولى الحكم منذ 31 ديسمبر 1981 وسألت السفيرة الأمريكية السفير "حاتم سيف النصر"، مساعد وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، عن الأسباب والظروف التى يقف مبارك فيها بجانب الديكتاتور فى حين تقاطعه دول العالم كلها بسبب تزويره الانتخابات فى بلاده وانفراده بالسلطة بشكل مطلق، فأكد سيف النصر أن التعليمات لديهم كانت مساندة الانتخابات الرئاسية التى جرت فى 29 مارس 2008 فى زيمبابوى، وأن على الجميع احترام ما آلت إليه بإعادة انتخاب روبرت موجابى رئيساً لزيمبابوى، وكشفت مارجريت سكوبى لنائب أبو الغيط عن معرفة الولايات المتحدة الأمريكية بلقاء تم فى جنوب أفريقيا أثناء زيارة مبارك لها فى الفترة من 28 إلى 30 يوليو 2008 وأنه خلال تواجده هناك استقبل فى جناحه الرئاسى "مورجان تسفانجيراى" زعيم المعارضة فى زيمبابوى، حيث أقنعه مبارك بأن يترك موجابى يكمل فترته الرئاسية.
والآن هل يستكمل الربيع العربى الأفريقى مسيرته ليحطم الضلع الثالث من أضلاع "المثلث الأفريقى القذر"، بعد أن أسقط كل من الشعب المصرى والليبى الضلع القذر الذى يخصه؟ أم أن الربيع الأفريقى سوف يتجاوز المثلث الأفريقى القذر ليشمله مع الشمال الأفريقى الذى دعم القذافى بالسلاح والمرتزقة وآوى أبناءه الفاسدين الذين طردهم الشعب الليبى من أرضه؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة