أكثر ما يمكن الاستفادة منه فى حدوتة نزول المشير بملابس مدنية إلى ميدان التحرير، ومصافحة الناس كما يفعل نجوم السينما وهم فى طريقهم نحو السجادة الحمراء، أن البدلة التى كان يرتديها المشير كانت «بدلة شيك»، وبالتالى فإننا علمنا وللمرة الأولى أن الرجل الذى لم نره يوما فى غير «الكاكى» رجل شيك وصاحب ذوق عال.. أكثر من هذا لا توجد أى فوائد من تلك الزيارة التى جاءت صدفة، ووجدت كاميرا تصورها بالصدفة أيضا، ووجدت طريقها سريعا نحو شاشة التليفزيون المصرى بالصدفة برضه.
هذه هى الخلاصة ياصديقى من تلك الزيارة غير المريحة التى جاءت فى توقيت أكثر عدم راحة، وأى كلام آخر عن مدنية المشير، ودلالة نزوله إلى الشارع بدون موكب وسط الجماهير، والمعانى الكامنة خلف التفاف الناس حوله ومصافحته، لا تلتفت إليها، ولا تصدق التليفزيون المصرى الذى اعتبرها دلالة على صلاحية المشير لقيادة مصر فى الفترة القادمة.
لا تركز مع التليفزيون المصرى الرسمى لأنه من العار و«الخيابة» أن تمنح جزءا من وقتك لشخص جعلوا منه مديرا لتحرير الأهرام، يرى وهو مقتنع بأن المشير طنطاوى صالح لرئاسة البلاد، وأن مدنية الدولة ومدنية الحكم يمكن تحقيقها على يد المشير، لمجرد أنه ارتدى بدلة وكرافتة.
أنا لا أطلب منك عدم التركيز مع التليفزيون المصرى، ولا مع أسامة هيكل الذى أهلته فترة الخدمة كمحرر عسكرى لكرسى وزارة الإعلام، ولا مع المذيع العاجز عن نطق حروف اللغة العربية بشكل سليم، لأنهم- لا سمح الله- منافقون فقط، بل لأن المذيع الذى زف بشرى وجود المشير فى الميدان كان فى سذاجة أطفال الروضة، وهو يحاول إقناع الجمهور بالسبق والانفراد الذى حققه التليفزيون المصرى بنقل زيارة المشير، دون القنوات الخاصة التى تعمل وفق أجندات، ليثبت هذا المذيع «الفتلة» مثله مثل الشاى بالضبط، أن ديل ماسبيرو لا يمكن أن يتعدل حاله، حتى ولو علقوا فيه ثورة.
لن أبدأ رحلة للتفتيش فى نوايا المشير طنطاوى، وسأستدعى الكثير من حسن النية وأنا أفكر فى أهدافه من السير بملابس مدنية فى ميدان التحرير، وسأسعى لأن أصدق أن الرجل نزل إلى الشارع صدفة، والتليفزيون المصرى بحسه الانفرادى والاحترافى حصل على هذا السبق بمجهوده، وسأصدق أيضا أن المذيع صاحب الحواجب المرسومة، وصاحب الأداء الذى يشبه أداء «نبطشى» الأفراح الشعبية، أصابته بدلة المشير بالذهول، وسأرضى بما قاله السيد مدير تحرير الأهرام، بخصوص أن البدلة تدل على أن المشير قائد مدنى، على اعتبار أن مؤهلاته لا يمكنها أن تجعله يفكر فى تحليل أبعد من ذلك.. ولكن هذا لا يمنعنى أن أستخدم مقطعا من أغنية شهيرة للفنان الرائع حمزة نمرة فى التعليق على تلك الزيارة، وما فيها من دلالات كشفها مذيع التليفزيون العبقرى.. وأقول كما قال حمزة نمرة: «كل شوية يغير شكله، مش راسى على حال، اطمّن يا حبيبى اطمّن، كلنا فاهمين.. يللا بقى اخلع، الله يحنن ماحناش عايزين، رافضينك معلش جنابك أصلنا مجانين».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة