كرامة الدول لا تقبل أنصاف الحلول أبدا، ولا ترضى بالهوان والمذلة والخنوع بديلا عن حريتها واستقلال قرارها فى وجه أى دولة تحاول الاعتداء على كرامتها وسيادتها.
مهما كانت النتائج والتبعات ودون النظر إلى التوازانات والعلاقات الدولية.
تلك هى الرسالة التى بعثت بها تركيا القوية الواثقة الحرة بقرارها الشجاع الفورى بطرد سفير الكيان الصهيونى من أراضيها وتجميد جميع الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية مع إسرائيل ردا على قرار الأمم المتحدة المجحف والظالم فى حق شهدائها، الذين راحوا ضحية الاعتداء الصهيونى البشع على أسطول الحرية فى المياه الدولية قبالة غزة.
ردت تركيا بالطريقة المناسبة، التى تتوافق مع تاريخها ودورها، والتى تتوافق أيضا مع كيان ما زال يرى أنه فوق القانون الدولى والمساءلة والمحاسبة والاعتذار عن جريمة إنسانية، وما زالت تسانده قوى كبرى بواجهات المنظمات الدولية.
هكذا تكون دولة الرجال التى لا تتنازل على الإطلاق عن حق شهدائها ودماء أبنائها وكرامة شعبها.. دولة الرجال التى تعى وتدرك تماما حجمها وثقلها ودورها التاريخى والسياسى فى محيطها الإقليمى والدولى.
لم يرتعش القرار التركى، ولم يأتِ مهتزا ومتخاذلا وخجولا فى الرد على تقرير الأمم المتحدة، الذى اعتبر أن المجزرة الإسرائيلية ضد أسطول الحرية التركى لا يخالف القانون الدولى، وتدبيرا أمنيا مشروعا للحفاظ على الأمن الإسرائيلى.
الموقف التركى كشف للأسف العجز والهوان، الذى ما زلنا نعيشه على مستوى القرار السياسى حتى بعد ثورة يناير فى مواجهة إسرائيل، التى استباحت دماء جنودنا داخل الأراضى المصرية دون اتخاذ قرار رادع بطرد السفير الإسرائيلى وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسى وإعادة النظر فى الاتفاقيات العسكرية حتى تعى إسرائيل أن كرامة مصر الثورة لا يمكن التهاون فيها والتخاذل فى الدفاع عنها بصفعة توازى الصفعة التركية دون انتظار للجان تحقيقات وهمية لن تسفر عن شىء، ولن تدفع إسرائيل للاعتذار عن الجريمة.
دماء شهداء مصر فى سيناء لم تجف بعد والأخذ بثأرها ينتظر صفعة مصرية على وجه إسرائيل لا تقل فى قوتها عن الصفعة التركية المدوية.
تركيا أردوغان وأوغلو أصبحت النموذج والحلم لدى كثير من شعوب المنطقة، وفى المقدمة منها الشعب المصرى سواء على مستوى النهضة والتنمية والبناء الداخلى أو على مستوى إدارة سياستها الخارجية القوية.