هل يجب أن تكون مثقفا حتى تدير المنظومة الثقافية؟ أم أن الإبداع هو الشرط الأساسى الذى يؤهلك إلى إدارة الثقافة؟ إنهما حقا سؤالان محيران قد يسوقاننا إلى تساؤل آخر هو: هل الاثنان عنصران لا يتجزآن ويجب توافرهما فى الشخص الموكل إليه إدارة منظومة الثقافة؟
الأمثلة عديدة فى هذا الإطار، ولكن أريد أن أوضح أولا أن المقصود بالمنظومة الثقافية هى وزارة الثقافة المصرية التى تعد المسؤول الأول والأخير عن الثقافة بمصر، ولنأخذ مثالين معاصرين، ونتحدث ونقارن بينهما علنا نصل لنتيجة للأسئلة سالفة الذكر، المثال الأول الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق وصاحب أهم البصمات فى تاريخ الوزارة بالعصر الحالى على كل الأصعدة من آثار وقصور ثقافة ودار الأوبرا الحديثة وقصور الأسرة العلوية، وافتتاح شارع المعز، ومعارض الكتاب الدولية المختلفة، ونهوض مستوى مهرجان القاهرة السينمائى، والمتحف الكبير، وغيرها من المشاريع التى يذكرها التاريخ وينسبها له، فاروق حسنى فى الأساس فنان تشكيلى بدأ حياته كفنان تشكيلى منذ الشباب، وقبل أن يلتحق بالعمل العام فى بداية مشواره بالثقافة الجماهيرية حيث التحق بها وترك بصمة كبيرة عندما أجاد، وأثبت نفسه من خلال إدارته لقصر ثقافة الأنفوشى جعلت من قياداته وقتها يرشحونه للعمل كملحق ثقافى لمصر بباريس، الفرصة التى ربما جاءته مناسبة للغاية فهى ترقية على صعيد العمل العام، وفرصة لا تعوض على سبيل تطوير مهاراته الفنية كفنان تشكيلى، وبعد مرور بضعة سنوات من الإجادة على الصعيدين العملى والفنى لمع اسم فاروق حسنى الفنان والموظف الذى استحق الانتقال لوظيفة أكبر بموطن الفنون روما العاصمة الإيطاية، ليتولى منصبى المستشار الثقافى المصرى ورئيس أكاديمية الفنون المصرية بروما لتبدأ مرحلة أخرى من الإبداع والتطور الوظيفى معا ليعود وزيرا للثقافة فى أكتوبر 1987 حتى ثورة 25 يناير 2011 ظل يلقب خلال تلك السنوات بالوزير الفنان، لسبب بسيط يكمن فى أنه لم ينس يوما أنه فنان فى الأساس قبل أن يكون وزيرا وبالتالى موظفا عاما بالدولة ظل ولاؤه لها طيلة سنوات حياته، دون أن يتغير أو يتلون، وأيضا دون أن يخطئ، وأكبر دليل وجوده الآن فى مرسمه بعيدا عن طرة بعدما ثبتت براءته من كل ما نسب له.. وللحديث بقية الأسبوع المقبل لنتعرف على النموذج الآخر..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة