سعيد الشحات

شجرة العابد

الثلاثاء، 06 سبتمبر 2011 08:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدثت فى مقالى أمس عن ندرة صنف الكتاب الذين يجمعون بين العطاء فى مجال الإبداع الأدبى، وبين العطاء بإبداع الكتابة فى مجال الفكر والتحليل السياسى، وضربت مثلاً بالكاتب الدكتور عمار على حسن، الذى امتلك الحسنيين، أى الجمع بين الاثنين، وذلك بعد عمله الأدبى السابع «شجرة العابد»، وهى الرواية التى صدرت منذ أيام قليلة.

«شجرة العابد» هى رواية قد تبدو كونية، لأن وقائعها تدور على البر والبحر، وفى الفضاء، وتتقلب بين الواقع والخيال، وشخصياتها من الإنس والجن، وزمانها لحظة فارقة للصراع بين الشرق والغرب فى أواخر عصر المماليك، وبقدر ما يعطيها هذا الملمح صفة الكونية، بقدر ما تجد فيها أيضًا صفة المحلية التى تقودك إلى الدهشة من قدرة الكاتب على نسج الوقائع بطريقة لا تأخذك إلى شعور بأنك أمام رواية يلعب فيها عنصر الخيال درجة تبعد عن الواقع بمسافات.

تدور الرواية فى مصر المملوكية، بما يحمله ذلك من دراما فى تاريخ مصر التى قدر لها أن يحكمها بشر جاؤوا إليها بيعًا وشراء، وخلال هذه الفترة مر عليها صنوف من الحكام الظالمين، وفى المقابل أفرزت مقاومين يرفضون جور الحاكم، وبطل الرواية هو واحد من هؤلاء، وهو طالب أزهرى، سعى إلى الثورة ضد السلطان الجائر، لكن يهرب للتصوف خوفًا من العسس والسجن والشنق.

فى رحلة هذا الأزهرى المقاوم والمتصوف مسارات للتطور الدرامى التى تأتى متناغمة مع طبيعة عصر المماليك، ويبلغ هذا التطور ذروته بتعلمه على يد أرملة جميلة قرأت كتبًا كثيرة فى بعض بيوت الأمراء، ومات زوجها فى قتال الفرنجة عند جزيرة قبرص، وتعلم الأزهرى المقاوم والمتصوف على يديها كيف يكتشف الطاقة الكامنة بين جوانحه، فوصل إلى المصالحة بين العقل والروح، والمزاوجة بين العلم والذوق.

تحتشد الرواية بالأشخاص والوقائع، وعبر لغة سردية جميلة فيها عذوبة الشعر، نكتشف كم يؤدى استبداد الحاكم وفساده إلى تدمير كل شىء، ورغم أن الوقائع تدور فى مصر المملوكية، فإن شيئًا ما يجعلك تشعر، وأنت تقرأ الرواية، بأن الماضى موصول بالحاضر، وحين تنتهى منها ستتأكد من تطور أدوات كاتبها بالمقارنة مع أعماله السابقة، ومن المنزلة الإبداعية له فى الأدب والفكر.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة