وائل السمرى

لا تشتروا بضاعة الأعداء

الثلاثاء، 06 سبتمبر 2011 08:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان العالم المصرى الجليل جمال حمدان يعد بحثه الرائد «شخصية مصر» قبيل عام 1967، ولما اشتعلت الحرب بين مصر وإسرائيل ووقعت النكسة المدوية لم يستسلم حمدان للهزيمة، أنهى بحثه سريعا، ليصدر عن دار الهلال، واقفا أمام مرارة الهزيمة بجمال التاريخ وعبقرية الجغرافيا، قال حمدان كلمته، وأصدر كتابه بعد أقل من شهر من وقف إطلاق النار، كان حمدان واعيا، لم ييأس، لم يحزن، فقط عمل وعمل وعمل، كان على يقين من أن الأعداء لا يريدون لمصر أن تنهض من كبوتها، وكان كـأى مثقف واع وشريف يقاوم اليأس بمزيد من العمل، ويكافح القنوط بالبحث عن الأمل، ولم يشتر بضاعة الأعداء بأغلى الأثمان، بل صنع لنفسه ولوطنه بضاعة أجمل وأجدى، فكانت الروح الوثابة هى القائدة.

هل مازلت لا تعرف ما هى بضاعة الأعداء؟ هى اليأس بلا شك يا صديقى، أعداؤك يوهمونك بأنهم أقوى، بينما هم منك مرتعبون، هم يتاجرون فى بضاعتهم المقيتة ويزينونها لك حتى تصل إلى الإحباط، الذى ما أن يمسسك حتى تتحول إلى كائن مهزوم داخليا وخارجيا، غير قادر على الفعل مستعدا للفناء، انظر ماذا كانت تسمى إسرائيل جيشها «الجيش الذى لا يقهر»، وانظر كيف كانوا يروجون الأكاذيب عن خط بارليف «أقوى مانع فى العالم»، وانظر كيف انهارت تلك الأساطير حينما آمنا بوطننا وبإرادتنا ووحدنا صفنا على قلب رجل واحد، متخذين الأمل قائدنا والحرية سبيلا.

لا تشتروا اليأس من الأعداء الذين لا يريدون سوى أن تنظر إلى تحت قدميك فتنهار خطواتك قبل أن تبدأ، اعلم أن غاية عدوك أن تفقد الإيمان بنفسك لتحتضن الآفات التى ستدمرك وكأنها ولى حميم، عدو البشرية الأكبر «إبليس» يعكف على أن يجعلك يائسا من كل شىء، وأهمها رحمة الله، ولذلك قال الله تعالى فى كتابه الكريم: «قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا»، وهذه الدعوة الربانية الواضحة لمقاومة اليأس والقنوط تجعل الإنسان صلبا فى مواجهة ما يلحق به، قويا فى الصمود أمام الأعداء، مستبسلا فى الدفاع عن آدميته، متفائلا بأن القادم أبهى.

أقول لك هذا لأن حملات إفشاء اليأس أصبحت على أشدها، واختلط المخلصون الوطنيون الذين ينتهجون المكاشفة سبيلا للتقدم بالمتربصين الذين يريدون أن يجهضوا الحلم بوطن بالتحريض على اليأس والاستسلام، نعم هنالك الكثير من السلبيات التى تظهر فى واقعنا المصرى وتتفاقم، ونعم هناك العديد من التفاهات التى ظهرت فى صفوف من كانوا يحسبون على المعارضة أيام مبارك، وبدوا أسوأ من النظام القديم، وهناك حالة عامة من اللامبالاة تسود شوارعنا ومؤسساتنا، لكن هناك أيضا ما يدعو إلى الأمل كل يوم، وهناك «بعض» التغيير الذى يجب تعميمه فى العديد من الوزارات والمصالح، وواجبنا أن نجعل هذا الـ«بعض» «كل»، فالثورة لم تقم لكى نتفرج على ما يحدث لنصفق للعبة الحلوة أو لنمصمص شفاهنا حسرة على الأهداف الضائعة، فغاية الثورة هى أن يعاد الوطن إلى أهله بعدما كان فى أيدى مغتصبيه، مصر أمامك، مد إيدك، واتفضل معانا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة