وسط أجواء محاكمة مبارك، وما صاحبها من مهازل، كتبت أمس محذرا من شراء «بضاعة الأعداء»، وهى اليأس، مستشهدا بموقف الراحل النبيل جمال حمدان من هزيمة 67 التى قاومها ببحثه الرائد «شخصية مصر» الذى نال عنه أروع لقب يتمناه أى مصرى شريف، وهو «عاشق مصر الأول». كان مبارك فى القفص والمحامون يستجوبون الشهود، غير أننى تخيلت نفسى أسأل مبارك فى محاكمة خاصة، من قتل جمال حمدان يا مبارك؟
طريقة موت حمدان فى شقته وحيدا ومحروقا ومضروبا ومخنوقا كانت غريبة وصادمة، ومازالت على غرابتها حتى الآن بعد مرور ثمانية عشر عاما على وقوعها، والكثيرون من المهتمين بتاريخ جمال حمدان مثل أخيه اللواء عبدالعظيم حمدان، والروائى والكاتب يوسف القعيد، أكدوا مرارا أن هناك شبهات كثيرة فى مقتله، وأصابع الاتهام تشير دائما إلى إسرائيل، فهل قتله مبارك قربانا لإسرائيل. عن نفسى لا أستغرب ارتكابه هذه الجرائم، فهو- بلا شك- من قتل سليمان خاطر من أجل عيون إسرائيل، وهو- بلا شك- من فرط فى دماء أبنائنا على الحدود للسبب نفسه، فهل قتله مبارك أم قتله الموساد كما يؤكد الكثيرون؟
إعادة التحقيق فى مقتل جمال حمدان الآن واجب وفرض، وأناشد النائب العام أن يفتح هذا الملف المسكوت عنه منذ سنين، وأعتقد أن هناك من الشهادات ما يكفى لنفك هذا اللغز، وأخذ حق هذا الرجل النبيل، فمعروف أن حمدان كان قد أنهى ثلاثة كتب قبل وفاته، من ضمنها كتابه «اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل» الذى يفضح فيه إسرائيل كعادته دائما، ولم يتم العثور على هذه الكتب فى شقته، كما يجب أن ينكشف لغز اختفاء طباخه الشخصى قبيل الوفاة، ولغز سكن الرجل والمرأة «الخواجات» فى الشقة التى تعلو شقته قبل الوفاة بشهرين واختفائهما بعدها، ولغز الخبطة التى فى رأسه ومرتكبها. وما يجعل الدائرة تضيق حول عنق مبارك هى أن أحد المسؤولين فى الرئاسة المباركية قابل أخا حمدان، اللواء عبدالعظيم، ونصحه بالهدوء والتريث والتعقل فى كتاباته عن إسرائيل والتطبيع فى مرحلة التمهيد لإبرام اتفاقية أوسلو ومدريد، وكان رد حمدان هو التحدى، فنشر العديد من المقالات التى تهاجم إسرائيل ومعاهدة كامب ديفيد، وكل معاهدة ينوى العرب توقيعها مع إسرائيل، وهو بالتأكيد ما أغضب «الرئاسة»، فهل كان القتل هو الرد على هذا الاستفزاز؟!
كل هذه المؤشرات، وهناك من يريد أن يقنعنا بأن جمال حمدان مات ميتة عادية! ولهذا أكرر المطالبة بفتح التحقيق مرة أخرى، لعلنا نرد لهذا الرجل بعضا من حقه علينا، وحتى هذا الحين أطالب وزارة الثقافة بعمل متحف باسمه فى مسقط رأسه بمحافظة القليوبية، ليكون مركزا تنويرا عظيما يليق بمكانة هذا الرجل العظيم، كما أطالب الدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة الكتاب، بأن يتبنى طباعة الأعمال الكاملة، سواء المنشورة، أو تلك التى نجت من الإهلاك، فعيب ألا تطبع أعمال عالم جليل كهذا فى المؤسسات الرسمية لتتوافر بسعر مناسب، وعيب ألا يعرف الكثيرون منا من هو جمال حمدان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة