أنا أحب خيرت الشاطر.. هذا اعتراف يسبق الكلام، لكى نكمل معا هذه السطور على خير، وحتى لا يأتى أحد فقهاء عصره ويعتبر السطور القادمة نفاقا للقيادى الإخوانى الكبير، دعنى أستبق تلك الاتهامات بهذا الإعلان العاطفى الذى يخص الرجل بمفرده ويخص قدرته على التنظيم واللعب السياسى، كما فعل فى انتخابات برلمان 2005.
أنا أحب خيرت الشاطر لأنه دفع من ماله وجهده وصحته ومستقبله الكثير من أجل أفكاره -بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معها- ولأنه لم يظهر يوما ما ليعيِّر شعب مصر أو جموع الإخوان المسلمين على الأقل بما قدمه للجماعة أو التنظيم مثلما يظهر الكثير من الحشرات على الشاشة الآن، وهى تتحدث بثقة بلهاء عن دورها فى صناعة ثورة 25 يناير.
أنا أحب خيرت الشاطر لأنه دخل السجن مرة واتنين وتلاتة، وخسر أمواله مرة واتنين وتلاتة، ودمر النظام مشروعاته وأحلامه الاقتصادية والاجتماعية أمام عينيه ولم يفكر فى الهرب أو الانسحاب من الساحة، ولأنه تحمل سنوات السجن بقلب عليل وصحة متدهورة، وتزوجت بناته وكبر أبناؤه، بينما كان هو خلف قضبان السجن، ولم يبك أولاده ولم يتراجع أو يضعف.
لكى تفهم دعنى أعود بك إلى عدة سطور كتبتها عقب دخول الشاطر السجن فى المرة الأخيرة، ولن أجد مناسبة أفضل من نشرها عليك الآن من تلك المفارقة العجيبة التى نعيشها وهى وجود الشاطر خارج القضبان ووجود عز خلفها.. اقرأ وستعرف.
نموذج خيرت الشاطر كرجل أعمال كان النظام السابق يضطهده يقابله نموذج أحمد عز رجل الأعمال الذى عاش وتربى فى خير السلطة واستخدمها لتحقيق المزيد من المكاسب على حساب الدولة نفسها ومواطنيها الغلابة.
بدأ أحمد عز حياته الاقتصادية ضعيفا وعاديا ولكنه سعى نحو جمال مبارك وصنع منه مظلة حماية سياسية، ثم طور تلك المظلة وصنعها باسمه حينما بدأ الانخراط فى العملية السياسية، مستخدما سلاحا جديدا اسمه الدفع الفورى، بدأه بتمويل جمعية جيل المستقبل والتقرب من جمال مبارك، ثم تمويل الانتخابات، حتى حصل على نصيبه السياسى مقابل ما دفعه من مال وهو السيطرة على الحزب الوطنى وعلى جمال مبارك، وخلال تلك الرحلة كان عز يدفع ويمول الحزب وفاعلياته باليمين، ويحصل من خير الدولة على الملايين بالشمال دون تعب.
وفى الوقت الذى كان فيه أحمد عز يتعلم كيف يلعب على الدرامز أو يبحث فيه عن ملهى ليلى أو فندق خمس نجوم للعمل ضمن فرقة موسيقية كان خيرت الشاطر طالب إعدادى هندسة يقود انتفاضة الطلبة سنة 68 ويدخل ويخرج من المعتقل بسبب نشاطه هذا.
فى الوقت الذى كانت مشروعات خيرت الشاطر الاقتصادية تحمل الصفة التنموية «حاسبات أدوية ومصانع وغيرها» أى مشروعات تفيد البلد وتوفر مساحة من العمالة لصناعة جديدة ومهمة وحيوية مصر فى حاجة إليها، فإن أموال أحمد عز كلها جاءت على حساب الشعب المصرى سواء عن طريق التعامل فى البورصة أو احتكار الحديد أو سياسة إغراق السوق، وبينما كان خيرت الشاطر ينشر مشروعاته التجارية فى الشمال والجنوب اللذين لا تهتم بهما الحكومة، ويفتح المزيد من بيوت العاملين، كان أحمد عز يسهم باحتكاره فى إفلاس أكثر من 20 ألف شركة مقاولات بسبب أسعار الحديد التى كان يحددها بمزاجه كمحتكرها الأول، وكان عدد كبير من أصحاب مصانع الحديد يهدد بتصفية أموالها والهجرة بسبب هيمنة أحمد عز على السوق، وتهمة خيرت الشاطر كانت تمويل الجماعة المحظورة، بينما «الفرخة التى كانت تبيض ذهبا لأحمد عز هى تمويل الحزب الوطنى ونجل الرئيس.. هل عرفت الآن لماذا وأحتفى بوجود الشاطر ومن هم على شاكلته خارج سجون الداخلية أو سجون الحصار؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة